السابقة بعد السلامة عن المعارض، لحصر الناقض للصوم في صحيح ابن مسلم (1) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء) ولأن نية الافطار إنما تنافي نية الصوم لا حكمها الثابت بالانعقاد الذي لا ينافيه النوم إجماعا، ولأن النية لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم إجماعا، فلا تتحقق المنافاة، خلافا للمحكي عن أبي الصلاح فجزم بالفساد بذلك، بل جعله موجبا للقضاء والكفارة، وإن خالفه فيه الفاضل في المختلف للأصل السالم عن المعارض بعد أن وافقه على الأول لفوات الشرط الذي هو النية التي كان مقتضى الأصل اعتبارها في جميع أجزاء العبادة، إلا أنه للمشقة والحرج اعتبر فيما عدا الابتداء حكمها المفسر بأن لا يتأتي بنية تخالفها ولا ينوي قطعها، فمع أحدهما تفوت النية حينئذ حقيقة وحكمها، فيبطل الفعل خصوصا في نحو الصوم الذي لا يتبعض، فإذا فسد جزء منه بفوات النية فسد جميعه، كما هو واضح.
ومرجع الجميع من الطرفين إلى اعتبار استمرار النية في الصحة وعدمه، والتحقيق حصول البطلان بنية القطع التي هي بمعنى إنشاء رفع اليد عما تلبس به من الصوم على نحو إنشاء الدخول فيه، ضرورة خلو الزمان المزبور عن النية، فيقع باطلا، ودعوى تأثير النية الأولى فيه وإن كان بهذا الحال واضحة المنع، وأما نية القطع بمعنى العزم على ما يحصل به ذلك، وإن لم يتحقق الانشاء المزبور وكذا نية القاطع فقد يقوى عدم البطلان بهما، استصحابا للصحة السابقة التي لم يحصل ما ينافيها، إذ الواقع عند التأمل يؤكدها، ودعوى كون المعتبر في الصحة العزم في سائر الأزمنة على الامتثال بالصوم في سائر أوقات اليوم لا نعرف لها مستندا وإن كان مقتضى الاقتصار على المتيقن ذلك، والتردد في الأثناء