عذره سريعا في غير محله، خصوصا قوله أخيرا: (وأنه لا يسقط) إلى آخره وإن أراد منه ما أطال به ثاني الشهيدين في مسالكه حيث قال: (إن تكليف النائم والغافل وغيرهما ممن يفقد شروط التكليف قد ينظر فيه من حيث الابتداء به بمعنى توجه الخطاب إلى المكلف بالفعل، وأمره بايقاعه على الوجه المأمور به بعد الخطاب، وقد ينظر فيه من حيث الاستدامة بمعنى أنه لو شرع في الفعل قبل النوم والغفلة أو غيرهما ثم عرض له ذلك في الأثناء، والقسم الأول لا إشكال في امتناع التكليف به عند المانع من تكليف ما لا يطاق، من غير فرق فيه بين أنواع الغفلة، وهذا هو المعنى الذي أطلق الأكثر من الأصوليين وغيرهم امتناعه، كما يرشد إلى ذلك دليلهم عليه وإن أطلقوا الكلام فيه، لأنهم احتجوا عليه بأن الاتيان بالفعل لغرض امتثال الأمر يقتضي العلم به المستلزم للعلم بتوجه الأمر نحوه فإن هذا الدليل غير قائم في أثناء العبادة في كثير من الموارد إجماعا، إذ لا يتوقف صحتها على توجه الذهن إليها فضلا عن إيقاعها على الوجه المطلوب، كما سنبينه إن شاء الله تعالى، وأما الثاني فالعارض قد يكون مخرجا عن أهلية الخطاب والتهيؤ له أصلا كالجنون والاغماء على أصح القولين وهذا يمنع استدامة التكليف كما يمنع ابتداءه، وقد لا يخرج عن ذلك كالنوم والسهو والنسيان مع بقاء التعقل، وهذه المعاني وإن منعت من ابتداء التكليف بالفعل لكن لا تمنع استدامته إذا وقع على وجه) إذ هو أيضا كما ترى مخالف لاطلاق كلامهم في امتناع تكليف الغافل وحديث رفع القلم، ولصريح الدليل الذي عولت عليه الإمامية في امتناعه من كونه قبيحا عقلا، لجريانه مجرى تكليف البهائم والجمادات من غير فرق بين الابتداء والاستدامة، وإلا كان آثما بالاخلال بها، وهو باطل بالضرورة، نعم لا بأس بدعوى إجراء الشارع إياه مجرى الصحيح في استحقاق الثواب وفي إسقاط القضاء وفي نحو ذلك، فإن كان المراد بالاستدامة ذلك على
(٣٣١)