في أثناء مباحث الباب جملة وافرة، وذكر بعض الاحتمالات في بعضها لا ينافي الظهور، كما أنه لا ينافي القطع الحاصل بملاحظتها تماما، وهي أكثر مما جمعها القائل بالوجوب العيني في ضمن المأتي رواية زاعما دلالتها على مطلوبه، وليست كذلك.
نعم لا ينبغي إنكار ظهورها في مطلق المشروعية، فتصلح ردا للقائل بالحرمة، بل لا بأس في دعوى تواترها في ذلك أو القطع بالحكم من جهتها لكثرتها واقترانها بأمور كثيرة تشعر بذلك، خصوصا بعد اعتضادها بالشهرة العظيمة نقلا وتحصيلا، بل حصر غير واحد الخلاف في ابن إدريس وسلار، بل ربما حكي الاجماع على خلافهما، بل ربما استظهر من المقاصد العلية ذلك أيضا، بل يمكن تحصيله مع التأمل في كلمات الأصحاب والتتبع، فلاحظ وتأمل، بل من النصوص المزبورة يعلم ما في دعوى أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ما صلوا الجمعة منذ قبضت أيدي أئمتهم، ضرورة حصول القطع منها بوقوع ذلك منهم أحيانا حيث لا تقية كما لا يخفى على من لاحظها مع التأمل، ومع الاغضاء عن ذلك كله فدعوى القطع بالبراءة بفعل الظهر مع التحير والتردد لتصادم الأدلة وتعارضها حتى على القول بوجوب الجمعة عينا في غاية الغرابة، ضرورة أنه ليس في الأدلة ما يقضي بوجوب الظهر على سائر المكلفين حتى يعلموا الإذن في الجمعة، وكون الواجب سابقا الظهر ثم بعد مدة وجبت الجمعة لا يقضي بذلك قطعا، فلا طريق في الفرض المزبور إلا فعلهما معا احتياطا يرتفع من جهته الحرمة التشريعية كما في غيره، إذ لا حرمة ذاتية في المقام قطعا كي يحتاج إلى الترجيح بينهما بما ذكره المستدل مما يمكن معارضته بورود الحث الشديد والتوعد على ترك الجمعة، وأنها مشتملة على الدعاء لآل محمد (صلى الله عليه وآله) والوعظ والزجر، وبأن فيها تأسيا بفعلهم (ع) لها زمن الظهور، وحفظ آثار سلطنتهم (عليهم السلام) والتفؤل بها وغير ذلك من المصالح، وفعلها لاحتمال الوجوب لا غصب فيه قطعا.