ثم إن النصوص الدالة على المشروعية المقتضية باطلاقها عدم المنصوب الخاص ظاهرة في أن ذلك حكم الجمعة في نفسه زمن صدور الأخبار، فلا حاجة حينئذ إلى إذن إمام الوقت (عليه السلام) كباقي الأحكام الشرعية، وأظرف شئ دعوى احتمال خبري زرارة (1) وعبد الملك (2) الإذن لهما بالخصوص في إمامة الجمعة مع عدم الاشعار فيهما بشئ من ذلك، بل ظاهرهما خلاف ذلك، كدعوى أن الأخبار قد صدرت زمن الظهور المعلوم تقييده بالنائب الخاص، إذ فيها أن أكثر أخبار الإذن بل جميعها زمن قصور اليد، وهو من زمن الغيبة، إذ المراد بزمن ظهور السلطنة لا ظهور الأجسام كما هو واضح، وأظرف منهما دعوى أن الذي يوهم الإذن أخبار ثلاثة، إذ قد عرفت أنها يمكن كونها متواترة بل فوق التواتر، وأظرف من الجميع دعوى توجه القول بالتحريم وإلا لزم القول بالوجوب عينا الذي قد علمت ما يقتضي نفيه من النص والاجماع وغيرهما كما أنك علمت ما يقتضي التخيير من غير إطلاق الكتاب والسنة المقتضي بظاهرة التعيين فلا تلازم بينهما قطعا، وقد ظهر من ذلك سقوط القول بالتحريم على وجه يقرب من القول بالعينية أو يساويه.
كما ظهر أن العمدة في ثبوت التخيير المزبور تواتر النصوص في مشروعيتها زمن قصور السلطنة من غير تعرض لاعتبار الشرط المزبور، بل ظاهرها أو صريحها خلافه منضما إلى الاجماع وغيره مما عرفت على نفي الوجوب عينا، وإلى أنه مقتضي الجمع بين ما دل على الأربع مع عدم المنصوب مما عرفت سابقا وبين ما دل على مشروعية فعلها بدونه، والشاهد منها ومن غيرها قائم إذا كنت قد أحطت بما ذكرناه، لا أن الدليل فيه أصل الجواز وعدم الاشتراط إلا بما يشترط به الظهر إلا ما خرج، وأصل جواز الإمامة والائتمام، وأصل عدم وجوب أربع ركعات في الظهر عينا إلا ما أجمع عليه،