بين الموضع الذي هو فيه وموضع الصلاة، لا البلدين ولا مكانه والجامع كما في التذكرة ونهاية الإحكام، فلو كان بينه وبين بعض الجماعة أقل من فرسخين وبينه وبين الآخرين أزيد وجب عليه الحضور، فإنه المفهوم من كونه منها على رأس فرسخين أو أكثر، وهو جيد جدا، بل قد يؤيده ما ستعرف من الاجماع على وجوبها عينا على البعيد بالقدر المزبور لو كان حاضرا، وما هو إلا لعدم صدق البعد المزبور، ولو كان المعتبر الوطن كان كغيره من ذوي الأعذار الذين ستسمع الخلاف فيهم لو كانوا حاضرين، بل كان المتجه وجوب الجمعة على من كان موطنه غير بعيد عنها بالبعد المزبور لكن كان هو بعيدا بأزيد من فرسخين وإن كثر ما لم يكن مسافرا، وهو معلوم البطلان، والله أعلم.
(وكل هؤلاء) عدا المجنون ومن لم تكن عبادته من الصبيان شرعية (إذا) اتفق منهم أو (تكلفوا الحضور) للجمعة المنعقدة بغيرهم صحت منهم وأجزأتهم عن الظهر بلا خلاف أجده فيه، بل في المدارك أنه مقطوع به في كلام الأصحاب، بل في المحكي عن المنتهى " لا خلاف في إجزائها للمسافر والعبد " وفي كشف اللثام " لا خلاف في جواز صلاة النساء الجمعة إذا أمن الافتتان والافتضاح وأذن لهن من عليهن استئذانه وإذا صلينها كانت أحد الواجبين تخييرا " بل يمكن تحصيل الاجماع عليه، مضافا إلى ما تسمعه من الاجماعات وغيرها مما يدل على الوجوب والانعقاد المستلزمين للاجزاء ضرورة، وقال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر سماعة (1) المروي عن الأمالي وثواب الأعمال والمجالس " أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبا لها أعطاه الله عز وجل أجر مائة جمعة للمقيم " وقد حكي الاجماع على عدم وقوع الجمعة مندوبة، بل متى جازت أجزأت وكانت أحد الفردين، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه، كما أنه يمكن القطع به