إطلاق الفتاوى ومعاقد الاجماعات، على أن الظاهر من الخبر المزبور (1) النفي لا النهي هنا، فلا إشكال حينئذ أصلا، بل ربما قيل: إن مقتضى النص بطلان الجمعتين مطلقا إلا ما خرج بالدليل، وإن كان قد يناقش فيه بظهور النص في إرادة نفي الصحة عن مجموعهما الجامع لصحة إحداهما، إلا أنه لما لم يكن في صورة الاقتران إمارة على صحة خصوص إحداهما اتجه الحكم ببطلانهما، أي عدم إجزاء كل منهما في الفراغ عن يقين الشغل، بخلاف ما لو سبق إحداهما، فإن استصحاب الصحة إمارة على صحتها، لا أن الحكم بصحتها للاجماع، وإلا كان مقتضى إطلاق الخبر بطلانها أيضا، ولعل التأمل في كلام الأصحاب وفيما ذكروه من دليل البطلان في صورة الاقتران والصحة للسابقة يرشد إلى ما ذكرناه، فتأمل جيدا، ويتحقق الاقتران عند علمائنا وأكثر العامة كما في المدارك وشرح المفاتيح باستوائهما في التكبير، واعتبر بعضهم الشروع في الخطبة التي هي ليست من الصلاة حقيقة عندنا، وآخر الفراغ المقتضي جواز عقد جمعة بعد أخرى إذا علم السبق بالاسراع في القراءة والاقتصار على أقل الواجب، وهو غير جائز اتفاقا منا.
(و) حينئذ ف (إن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الاحرام) عندنا كما في كشف اللثام (بطلت المتأخرة) لأن الأولى قد انعقدت صحيحة جامعة للشرائط، ولم يثبت إبطال المتأخرة لها، إذ الخبران (2) كما عرفت إنما يدلان على نفي الصحة عنهما معا لا كل منهما، فترجيح السابقة حينئذ باستصحاب صحتها وموافقتها لظاهر الأوامر في محله، مضافا إلى ما في التذكرة من الاجماع ظاهرا أو صريحا على صحتها وبطلان اللاحقة الذي يشهد لصحة تتبع كلام الأصحاب، بل لا فرق فيه بين علم المصلين عند عقدها أن اللاحقة ستوقع وعدمه، أو أن جمعة تعقد هناك إما لاحقة أو غيرها وعدمه، ولا بين