شفاء المريض مثلا، أو يكون المقصود استعداده بذلك لأن يجاب إذا دعا ويعطى إذا سأل، وليس ذلك من البكاء لشئ من أمور الدنيا، ضرورة ظهوره في كون البكاء على نفس ذلك الأمر الدنيوي، أنه هو الباعث على البكاء فواته أو طلبه، لا ما يشمل الفرض الذي ينزل عليه قول الصادق (عليه السلام) لأبي بصير (1): " إذا خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله عز وجل فمجده واثن عليه كما هو أهله، وصل على النبي (صلى الله عليه وآله) واسأل حاجتك وتباك ولو مثل رأس الذباب، إن أبي (عليه السلام) كان يقول: إن أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك " أو يراد منه خروج الدموع خاصة بناء على أن المبطل الصوت لا خروج الدموع خاصة كما ستعرف، فتأمل جيدا.
بل قد يمنع أيضا كون البكاء لفقد الميت من الأمور الدنيوية مطلقا، فإن البكاء على الحسين (عليه السلام) وغيره من الأئمة الهادين (عليهم السلام) بل والعلماء المرضيين ونحوهم ممن كانت العلقة بينهم وبين الباكي أخروية ليس من الدنيا في شئ، وما سمعته من الميسية معرض عنه، أو ينزل على غير ذلك، واحتمال عد البكاء على الحسين (عليه السلام) فضلا عن غيره من البكاء لأمر دنيوي - باعتبار أن ما وقع بسببه البكاء وكان هو الباعث على البكاء أمر في الدنيا دون الآخرة، وترتب الثواب عليه وكونه عبادة لا ينافي بطلان الصلاة به، وذكر الجنة والنار في النص المزبور مثال لنعيم الآخرة وأهوالها من البرزخ وغيره - واضح الدفع وإن كان الاحتياط لا ينبغي أن يترك، خصوصا إذا كان البكاء على الحسين (عليه السلام) من حيث الرحم أو من حيث علقة السيد والعبد ونحوهما من العلائق، فإن الأفعال تختلف بالقصد وبالجهة والاعتبارات كما هو واضح، وكأنه لذا قال في مجمع البرهان: " الظاهر أن البكاء لفقد الميت لا يطلق