بما أنزل الله لم يجز للفقهاء الحكم والافتاء في زمن الغيبة إلا بإذن الغائب روحي له الفداء ولم يكف لهم إذن من قبله وجعله قاضيا.
وقد ظهر لك مما ذكرنا توجيه ما في السرائر - من أن الأربع ركعات في الذمة بيقين، فمن قال صلاة ركعتين تجزي عن الأربع محتاج إلى دليل، فلا يرجع عن المعلوم بالمظنون وأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا - بحيث لا يرد عليه ما قيل من أن اشتغال الذمة يوم الجمعة بالأربع غير معلوم، والأصل عدمه، إذ قد عرفت أن الاتفاق حاصل على الأربع ما لم يحصل الإذن في الاقتصار على الركعتين، فلا يجوز الاقتصار عليهما ما لم يعلم الإذن وإن قيل به، بل ندعى أن الذمة مشغولة بالركعتين المقرونتين بخطبتين المنفردتين عن ركعتين أخريين، فما لم يعلم الإذن بالأربع لم تبرأ الذمة بيقين، قلنا: أما على التخيير فالجواب ظاهر، لحصول اليقين بالبراءة بالأربع قطعا، وأما الركعتان فإنما يحصل اليقين اليقين بالبراءة بهما إذا حصل اليقين بالتخيير، وأما على ما يحتمل من الوجوب عينا فنقول: من المعلوم اشتراط صحة الركعتين وحصول البراءة بهما بإمام مأذون في إمامته، بخلاف الأربع فلا شرط لها، فما دام الشك في وجود إمام كذلك يحصل اليقين بالبراءة بالأربع دون الركعتين، ويؤكد الأمرين استمرار الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم على الأربع من زمن زين العابدين (عليه السلام)، والاكتفاء في البراءة بالظن الشرعي وإلا لزم التكليف بما لا يطاق متجه إذا انتفى الطريق إلى العلم، وقد عرفت العلم بالبراءة بالأربع خصوصا على التخيير، فلا يترك بالظن، وإن تنزيلنا قلنا: الأمر مردد بين تعين الأربع وتعين الركعتين، ثم تأملنا فلم نر دليلا على الثاني إلا ما يتوهم من ظاهر الأخبار، وقد عرفت أنها لا تدل على الإذن فضلا عن التعيين، وإذا لم تدل على الإذن تعينت الأربع ضرورة ولو احتياطا.
ولو قلب الأمر فقال: إنا تأملنا فلم نجد دليلا على تعين الأربع إلا عدم الإذن