ترك الرد لو فرض عدم إمكان الوصول إلى المسلم أيضا، لاحتمال وجوبه حينئذ في نفسه وإن لم يسمع، إذ ذاك يجب مع إمكانه، فلا يسقط حينئذ أصل الرد، وهو كما ترى لا يستأهل ردا، خصوصا في مثل الصلاة المشتغل فيها، لامكان القول بترجيح حرمة إبطالها على وجوب الرد المستلزم له، ضرورة ظهور الأدلة في وجوبه مع إمكان الجمع، أما لو فرض عصيان المكلف حتى احتاج الرد إلى الابطال بالمشي ونحوه من المنافيات بناء على بقاء وجوبه فلا، وليس هو من مسألة الضد بل هو من ترجيح مراعاة الحرمة على الوجوب، وكذا لا يستأهل ردا احتمال البطلان مطلقا أي سواء اشتغل بضد أولا، ولعله مقتضى إطلاق البطلان في التحرير، إذ لا وجه له إلا دعوى ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة، فيكون كسائر ما يجب فيها من الستر والاستقبال ونحوهما، ولا ينافيه وجوبه قبلها، إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجئ نهي به، نحو لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة، وفيه أنه لا شك في ظهور الأدلة في إرادة أن الصلاة لا تمنع وجوب الرد لا أنه من واجبات الصلاة، فلاحظ وتأمل.
ثم إنه لا يبعد أولوية ترك السلام على المصلي خصوصا مع حصول الاضطراب له باستحضار كيفية الجواب، وربما يقع في شك في أنه سلم بحيث يجب الجواب أو لا وغير ذلك، وللنهي في خبر الخصال المتقدم (1) والمروي (2) عن قرب الإسناد عن الصادق (عليه السلام) " كنت أسمع أبي (عليه السلام) يقول: إذا دخلت المسجد والقوم يصلون فلا تسلم عليهم وسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أقبل على صلاتك، وإذا دخلت على قوم جلوس فسلم عليهم " ولا داعي إلى حملهما على التقية، لمنع جمهور العامة من الرد نطقا بل عن أبي حنيفة المنع من الإشارة بالأصبع أيضا، إذ لا معارض لهما إلا إطلاق