الإحكام وإرشاد الجعفرية والغرية وكشف الالتباس والروض والمقاصد العلية البطلان وإن كان لا إثم، بل في الحدائق أنه مما لم يطلع على مخالف فيه، لاطلاق النص والفتوى وثبوت الحكم في نظائره من الضحك وغيره كما عرفت، لكن قد يناقش بظهور النص في الاختيار، وبه يفرق بينه وبين القهقهة، فيبقى المضطر حينئذ على الأصل، ولعله لذا لم يجزم بالبطلان في الروضة، بل جعله وجها، قيل: وهو محتمل نجيب الدين، بل حكى في التذكرة عن الشافعي عدم البطلان ولم يعقبه بشئ، فلا ينبغي ترك الاحتياط حينئذ بالاتمام والإعادة.
ثم لا يخفى عليك أن الموجود في النص المزبور انقطاع الصلاة بالبكاء على الميت، إلا أنه لما كان ذلك في مقابلة ذكر الجنة والنار التي هي منطوق الشرط الأول وكان المنساق إلى الذهن أن المراد من الثاني مفهوم الأول وإن كان قد صرح ببعض أفراده على جهة المثال جعل الأصحاب المدار في البطلان وعدمه البكاء على أمور الدنيا والآخرة، والثاني لا إشكال فيه نصا وفتوى، ضرورة تواتر النصوص في فضل البكاء لله الذي يبنى له بكل دمعة ألف بيت في الجنة (1) و " ما من شئ إلا وله كيل ووزن إلا الدموع، فإن القطرة تطفي بحارا من نار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهها قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا " (2) و " ما من عين إلا وهي باكية يوم القيامة إلا عينا بكت من خوف الله، وما اغرورقت العين بمائها من خشية الله عز وجل إلا حرم الله عز وجل سائر جسده على النار " (3) ولم يتقرب العبد بشئ أحب إلى الله عز وجل من ثلاثة، وهي الزهد والورع عن المعاصي