على فرسخين لا أكثر من ذلك، لأن ما يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا أو بريد ذاهبا وبريد جائيا، والبريد أربعة فراسخ. فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير، وذلك أنه يجئ فرسخين ويذهب فرسخين " والصادق (عليه السلام) في حسن ابن مسلم (1) " تجب الجمعة على من كان منها على رأس فرسخين، فإذا زاد على ذلك فليس عليه شئ " ورواه في المعتبر والذكرى عنه، وعن حريز عن الصادق (عليه السلام)، وربما كان النهار تسع ساعات والمشي على تؤدة، إذ من المعلوم عدم الدواب عند جميعهم، وإن أبيت عن ذلك كله فحمله على الندب متعين، لقوة المعارض الذي منه ما سمعت من الصحيح والحسن مضافا إلى غيرهما مما ستعرف.
إنما البحث في الوجوب على من كان على رأس فرسخين، فالمشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة عظيمة بل لا أجد فيها خلافا بين المتأخرين الوجوب، بل في الخلاف والغنية وشرح نجيب الدين وظاهر المنتهى وكشف الحق الاجماع عليه، وهو مع الصحيحين والمرسل وخبر العلل والعيون والاطلاقات الحجة على ما عن الصدوق وابن حمزة من العدم واختصاص الوجوب على من كان دونهما، بل عن أمالي الأول منهما أنه من دين الإمامية، لما مضى من قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة وحسنه (2) " وضعها عن تسعة - إلى قوله عليه السلام - ومن كان على رأس فرسخين " وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة (3) مثل ذلك، ولا يخفى ضعفه عن المقاومة من وجوه، فيمكن حمله - كفتوى الصدوق سيما مع وصفه بدين الإمامية ولم نجد له موافقا إلا ابن حمزة، وأما ابن إدريس فالمحكي عن سرائره مضطرب، بل هو إلى المشهور أقرب منه إلى غيره - على إرادة الزائد من الفرسخين، سيما والكون عليهما من غير زيادة ونقيصة من الأفراد