فلا وجه حينئذ بعد ذلك كله للمناقشة في المشهور بانحصار دليله في الخبرين (1) السابقين الذين هما بعد الاغماض عن سندهما غير واضحي الدلالة، لقرب احتمال كون المراد بهما بيان أن صلاة العيدين ركعتان مطلقا صليت وجوبا في جماعة أو ندبا في غيرها ردا على من قال بالأربع ركعات متى فاتت الصلاة مع الإمام، مع أن التخيير المستفاد من إطلاقهما لو لم نقل بأن المراد بهما هذا مخالف للاجماع، لانعقاده على اختصاصه على تقديره بصورة فقد الشرائط، وإلا فمع اجتماعها تجب جماعة إجماعا، فلا بد فيه من مخالفة للظاهر وهي كما يحتمل أن تكون ما ذكر كذا يحتمل أن تكون ما ذكرنا، بل لعله أولى، للنصوص المتقدمة الظاهرة في اعتبار الانفراد، وعلى تقدير التساوي فهو موجب للتساقط فتجويز الجماعة في هذه الصلاة المندوبة في مفروض المسألة يحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة، بل إطلاق الأدلة على المنع عن الجماعة في النافلة أقوى حجة، ودعوى الاختصاص بغير هذه ممنوعة، إذ قد عرفت عدم انحصار الدليل فيهما، كما أنه لا مجال للاحتمال المزبور بعد اعتضادهما بما سمعت، وأن احتمال إرادة عدم الجماعة المخصوصة من الوحدة والانفراد لا مطلق الجماعة أولى من ذلك الاحتمال فيهما من وجوه، وأن النفل العارضي لا يمنع الجماعة المشروعة بالأصل فيها كالفريضة المعادة احتياطا، والله هو العالم بحقائق أحكامه.
( و) كيف كان ف (وقتها) أي صلاة العيدين (ما بين طلوع الشمس إلى الزوال) على المشهور بين الأصحاب، بل عن النهاية والتذكرة وجامع المقاصد الاجماع عليه، كما عن المنتهى الاجماع على الفوات بالزوال، وهو الحجة في الأخير، مضافا إلى قول الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن قيس (2): " إذا شهد عند الإمام شاهدان