ولا صراحة في المكاتبة بجواز الصلاة للماس قبل الغسل مع وجوبه، وكيف وقد عرفت ظهور الحال بكون المس في حال الحرارة، فقد يحمل الأمر بالغسل فيها حينئذ على الندب وإن لم أقف على مصرح به من أحد من الأصحاب، ولعلنا لو وقفنا على كلام المرتضى (رحمه الله) لأمكن حمل قوله بعدم الوجوب على مثل هذا الحال أي المس بحرارة، للاجماع هنا بقسميه عليه، بل في المنتهى أنه مذهب علماء الأمصار، وللنصوص الصحيحة الصريحة المستفيضة حد الاستفاضة فيه أيضا، منها صحيح ابن مسلم (1) عن أحدهما (عليهما السلام) قال: " قلت: الرجل يغمض عين الميت عليه غسل، قال:
إذا مسه بحرارة فلا، ولكن إذا مسه بعد ما يبرد فليغتسل " الحديث. ونحوه غيره (2).
ولذا قيد المصنف الوجوب المذكور بما بعد البرودة، وظاهره كالنصوص (3) اعتبار برودة الجميع، فلا عبرة بالبعض.
وكذا قيده بما قبل التطهير، لعدم وجوبه بعده أيضا إجماعا بقسميه، بل في المنتهى أنه مذهب علماء الأمصار، ونصوصا، منها قول الباقر (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم (4): " مس الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس بها بأس " كقول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن سنان (5): " لا بأس بأن يمسه بعد الغسل " الحديث.
بل وعدم استحبابه أيضا، للأصل المعتضد بالعمل، وعدم نص أحد من الأصحاب فيما أجد عليه عدا الشيخ في استبصاره وعن تهذيبه، حيث حمل موثق الساباطي (6) عن الصادق (عليه السلام) " يغتسل الذي غسل الميت، وكل من مس ميتا فعليه الغسل وإن كان الميت قد غسل " الحديث. عليه، وهو وإن كان لا بأس به