إن أراد الدلالة العرفية، خصوصا على ما قيل: إنه لا معنى للطهارة الشرعية سوى عدم المنع عن الصلاة والأكل والشرب ونحوهما بالنسبة إليه وإلى ملاقيه وملاقي ملاقيه وهكذا، ولا للنجاسة الشرعية إلا المنع كذلك، على أن المانع هنا من تمام الانتفاعات ليس إلا النجاسة إجماعا منقولا إن لم يكن محصلا بل ضرورة، مضافا إلى عدم قائل بالفصل، إذ ابن الجنيد يجوز جميع الانتفاعات بعد الدبغ عدا الصلاة.
وأما دعواه كثرة الأخبار بجواز الانتفاع ففيه إنا لم نعثر إلا على مرسل الصدوق، وهو مع عدم ذكر الدبغ فيه قد عرفت ما فيه، وخبر الحسين بن زرارة (1) عن الصادق (عليه السلام) " عن جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللبن والماء فأشرب منه وأتوضأ قال: نعم، وقال: يدبغ فينتفع به ولا يصلى فيه " وهو مع الغض عن سنده وموافقته للعامة قاصر عن معارضة ما تقدم من وجوه حتى المطلق منها.
وخبر الصيقل (2) قال: " كتبت إلى الرضا (عليه السلام) أني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فيصيب ثيابي فأصلي فيها، فكتب إلي أتخذ ثوبا لصلاتك، فكتب إلى الجواد (عليه السلام) كنت كتبت إلى أبيك بكذا وكذا فصعب علي ذلك فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية، فكتب إلي كل أعمال البر بالصبر يرحمك الله، فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس " وهو مع الطعن في سنده محتمل لإرادة غير معلوم التذكية بل مظنونها، لغلبة عدمها في الحمر الأهلية، وإلا لو أريد الميتة واقعا لكن مع الدبغ كما يقوله الخصم لم يكن وجه للأمر باتخاذ الثوب ولا لاشتراط عدم البأس بالذكاة.
كاحتمال موثقة سماعة (3) قال: " سألته عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت،