كون الامر به إرشاديا لبيان شرطيته، من دون أن يكون مطلوبا مولويا استقلاليا.
على أنه لو سلم إرادته من الآية فهي لا تنفع فيما نحن فيه، لان اللام في قوله: (ليعبدوا) إن كانت للغاية بلحاظ نفس الامر أو لتقوية العامل - التي قد تكون هي لام الإرادة التي ذكرها بعضهم - فهي لبيان المأمور به، وتدل الآية على أنهم لم يؤمروا إلا بالعبادة الخالصة لله تعالى - إن كان الحصر حقيقيا - أو لم يؤمر بالعبادة إلى على وجه الاخلاص - لو كان الحصر إضافيا - لا أنه يعتبر في الواجبات أن تقع على وجه الاخلاص، فهي ظاهرة في بيان قضية خارجية أخبر بها عن حال أحكامهم والتشريعات الثابتة لهم، لا قضية حقيقية تشريعية تتضمن اعتبار الاخلاص في المأمور به، لتنفع في حقنا.
فالمقام نظير ما لو قال: لم نأمرهم إلا بالصلاة عن طهارة، فإنه لا يقتضي اعتبار الطهارة في كل صلاة حتى غير ما أمروا به، بخلاف ما لو قيل: وجعلنا عليهم أن لا صلاة إلا بطهور، فإنه يقتضي شرطية الطهور في كل صلاة تفرض وإن لم تجب عليهم.
وإن كانت اللام للغاية بلحاظ المأمور به فهي ظاهرة في أنهم أمروا بأشياء فائدتها التوفيق للعبادة الخالصة، نظير ما تضمن بيان فوائد كثير من الواجبات والمستحبات، ولا دلالة لها على تعيين ما أمروا به وأنه عبادي أو غيره.
مع أنه وارد لبيان حكم أهل الكتاب، فالاستدلال به في حقنا مبني على جريان استصحاب أحكامهم أو أصالة عدم النسخ فيها، وهو - مع أنه خلاف التحقيق - لا ينفع في الخروج عن الاطلاق الذي تقدم أنه يقتضي