أريد بيانه حين التلبس جئ بالفعل، فيقال،: (زيد يبني أو يحرث أو يتكلم).
فإن هذه الموارد ونحوها وإن أوهمت عموم المشتق لحال الانقضاء، إلا أن الظاهر عدم ابتنائها على ذلك، بل على عدم إرادة الجري حال الاخبار أو حال ترتيب الاحكام، بل المراد به ما يعم الجري فيما سبق مما يطابق حال التلبس، خروجا فيهما عما سبق في الامر الثاني من أن مقتضى الاطلاق حمل الجري على حال النطق، وأن مقتضى القرينة العامة كونه حال النسبة وترتيب الاحكام، لان الخصوصيات المشار إليها تكفي في الخروج عن ذلك.
ولذا لا يظن من أحد التوقف في تبادر حال التلبس ونحوه في المشتقات المذكورة وغيرها مع النص على الحال الجري والنسبة، كما لو قيل: (زيد ضارب أو زان أو نجار أو صائغ اليوم)، حيث لا ريب في عدم صدق القضية مع صدور الضرب أو الزنا منه أمس، أو اتخاذه الصياغة أو النجارة صنعة قبل سنة ثم إعراضه عنها.
ومن الظاهر أن (اليوم) قيد للنسبة وظرف للجري الذي يصححه اتحاد العنوان مع الذات الحاصل على القول بالأعم بعد ارتفاع التلبس، وليس قيدا للحدث على أن يكون بمنزلة المفعول المطلق، بحيث يكون معنى قولنا: (زيد ضارب اليوم) - مثلا - أنه ضارب ضربا حاصلا هذا اليوم، كي لا ينافي عدم صدقه لعدم تحقق الضرب منه هذا اليوم صدق الضارب المطلق عليه اليوم بلحاظ سبق الضرب منه. فلاحظ.
ومنه يظهر الحال فيما لا بقاء له بنفسه، بل البقاء لاثره، كالجرح والقتل والتسخين للماء والتنظيف للثوب وغيرها. فإنه إن أريد من المبدأ فيه حقيقته، وهو المعنى الحدثي المصدري الذي لا بقاء له كان مما سبق، وابتنى