بل لا امتنان في الاقتصار على المراتب العالية منها. وإلا لزم الاختصاص بأعلى مراتب النبوة وأشرفها، كالنبوة الخاتمة.
هذا كله مع أن النبوة مباينة للإمامة مفهوما، فان الامام هو الذي يجب على الناس متابعته والاخذ منه والاقتداء به، والنبوة لا تستلزم ذلك، إذ قد يختص النبي بأحكام من دون أن يجب الاخذ منه على الناس متابعته والاخذ منه على الناس، بل قد يكون عليه إمام، كما تضمنه صحيح هشام بن سالم المتقدم وغيره.
بل سبق فيه أن إبراهيم (عليه السلام) كان نبيا وليس بإمام، كما هو ظاهر صدر الآية الشريفة أيضا المتضمن أن جعله إماما كان بعد ابتلائه بالكلمات، قال تعالى: ﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي...﴾ (1). ولا إشكال ظاهرا في أنه ابتلي بالكلمات وهو نبي.
نعم، بناء على ما حكاه من قراءة ابن عباس برفع (إبراهيم) ونصب (ربه) يكون المراد ظاهرا اختبار إبراهيم (عليه السلام) لله سبحانه في إجابة دعائه، إذ يمكن حينئذ أن يكون قد دعا الله قبل نبوته، وجعل نبيا حين جعله إماما، لا قبل ذلك. لكنها شاذة والاستدلال إنما يكون بالقراءة المشهورة.
وقد خرجنا في الحديث عن الآية عما يقتضيه البحث رغبة في استكمال الفائدة. وبذلك ينتهي الكلام في بحث المشتق، وإن أطال مشايخنا في بعض ما يتعلق به من المباحث مما لا دخل له بمحل الكلام، ولا يتضح ترتب فائدة