ومن الغريب ما ذكره شيخنا الأعظم (قدس سره) من امتناع رجوع الشرط للهيئة لما تقدم من امتناع تقييد الجزئي، مع اعترافه بأنه مقتضى القواعد العربية، مع وضوح أن القواعد العربية ارتكازية يتبعها الظهور النوعي، فكيف يكون مقتضى الارتكاز والظهور النوعي ممتنعا في نفسه؟! بل ينبغي جعل ذلك كاشفا عن خلل في بعض مقدمات المدعى.
ثم إن بعض الأعاظم (قدس سره) ذكر وجها آخر لمنع رجوع الشرط للهيئة، وهو: أن الاطلاق والتقييد إنما يعرضان على المفاهيم الاسمية الملحوظة بالاستقلال دون المفاهيم الحرفية التي هي آلية يتعذر لحاظها استقلالا.
لكنه يندفع: بأن آلية المعنى الحرفي وإن ذكرت في كلماتهم بنحو قد يظهر في التسالم عليها، إلا أن المراد بها لا يخلو عن غموض، والمتيقن منها ما سبق من عدم تقرر معنى الحرف في نفسه بنحو يستقل بالتصور، بل هو قائم بأطرافه فلا يؤدى به إلا عند إيجاده في ضمن الكلام في مقام الاستعمال، وذلك إنما يقتضي امتناع التقييد الراجع إلى قصر الماهية على بعض أفرادها، لأنه فرع تقرر المعنى في نفسه بنحو يوجد في ضمن أفراده، ولذا كان امتناع التقييد المذكور مقتضى المرتكزات الاستعمالية أما التقييد بالنحو الاخر الراجع إلى محض التضييق، كتضييق النسبة الطلبية بالشرط في المقام فالوجه المذكور لا ينهض بالمنع عنه، بل هو كتحديد النسبة بأطرافها، فلا مجال للمنع منه، ولا سيما مع ما عرفت من مطابقته للارتكاز، حيث يصلح ذلك بنفسه للكشف إجمالا عن خلل في وجه المنع، وإن خفي تفصيلا.
نعم، لا يراد بذلك كون الشرط مضيقا للنسبة في الخارج، لما سبق من تعوم معاني الحروف، وهي النسب الخاصة بالاستعمال، وليس الخارج إلا