الخاص، لا للحكاية عنه.
ولا يفرق في جزئيته بين كون القضايا التي وردت فيها واقعة وكونها غير واقعة، ف (من) - مثلا - في كل من قولنا: (سرت من البصرة) و (أسير من البصرة) و (سر من البصرة) لا تقتضي إلا جعل نسبة خاصة بين السير والبصرة، بداعي بيان حال السير والبصرة في الخارج، إلا أنها في الأول حيث كانت حاكية عن حال واقع فلا بد من كونه جزئيا، متشخصا، أما في الثاني فهي حاكية عن حال يقع ولم يتشخص بعد، بل هو كلي قابل للانطباق على كثيرين، كما أنها في الثالث حاكية عن حال يطلب وقوعه فلم يتشخص أيضا. من دون أن يستلزم ذلك اختلافا في معناها، بل هو جزئي لا غير.
وبهذا يمكن الجمع بين ما هو المرتكز من جزئية المعاني الحرفية، وورودها في ضمن قضايا غير واقعة، الذي سبق تعذره، بناء على أن معانيها إخطارية.
ومنه يظهر أن ذلك المعنى الجزئي الحاصل بها ليس مصداقا للمفاهيم الكلية المذكورة في بيان معاني هذه الحروف، كالابتداء والانتهاء والظرفية ونحوها، لان جزئيات تلك المفاهيم لها نحو من التقرر، من دون أن تكون تابعة للكلام ولا مسببة عنه، وإنما هو المنشأ الخارجي المصحح لاعتبارها وجعلها في مقام البيان، والمقصود بالحكاية منها.
وأما ما اشتهر من تفسير معاني الحروف بالأمور المذكورة، فليس لكون هذه الأمور بمفاهيمها أو بمصاديقها مدلولة لها ومحكية بها حكاية المعنى بلفظه، بل لضيق التعبير، حيث يصعب بيان حقيقة الاعتباريات، مع عدم الغرض في معرفتها، بل المهم معرفة الخارج المستفاد منها الملازم لها، فعدل إلى