الوضع يقتضي الاشتراك واحتياج كل من الامرين للقرينة، مع أن الظاهر استغناء الخبر عن القرينة وكونه الأصل في الكلام، وأن الانشاء مبني على نحو من العناية ومفتقر للقرينة.
ومن هنا قد يحمل كلامه (قدس سره) على أنه ليس بصدد بيان تعدد الوضع، بل بصدد بيان أن الفرق بين الامرين راجع إلى اختلاف الغرض من الاستعمال، من دون أن يرجع إلى اختلاف المعنى المستعمل فيه، بل هو واحد في كلا الحالين.
إلا أنه يشكل: أيضا - بما هو المعلوم من استعمال صيغة الماضي والجملة الاسمية في الانشاء، مع تجرد الأولى عن الخصوصية الموجبة للدلالة على الماضي، والثانية عن الخصوصية الدالة على الحال، حيث لا يراد به إلا تحقق الامر المنشأ بعد الكلام.
بل حتى استعمال صيغة المضارع لو لم يبتن على نحو من التصرف في معناها لم يقتض تحقق المنشأ متصلا بالكلام والانشاء، لصلوح الفعل المضارع للحال وتمام أزمنة الاستقبال، فإن ذلك كله كاشف عن اختلاف ما تستعمل فيه الهيئة حال الخبر عما تستعمل فيه حال الانشاء.
ومن هنا لا يبعد البناء على اختصاص الهيئات المذكورة وضعا بإيجاد النسب التامة بداعي الحكاية عما يصحح اعتبارها في الخارج، ويكون استعمالها في مقام الانشاء مبنيا على نحو من التوسع أو الادعاء بالنحو المناسب له.
بل لا ينبغي التأمل في ذلك فيما لا يراد به إنشاء المادة، بل بيان مطلوبيتها أو مبغوضيتها أو عدمها، كاستعمال مثل: (يعيد) و (يغتسل)