غيره وبين حركة النبض وحركة الأصابع وبين حركة الدم في العروق وحركة اليد يمنة ويسرة وبين حركة الأمعاء عند الخوف وحركة الرجل خطوة فخطوة وهكذا، ومن الطبيعي أنه ليس بامكان أي فرد انكار الفرق بين هذه الحركات فإنه بمثابة انكار أبده البديهيات كالواحد نصف الاثنين والكل أعظم من الجزء وما شاكلهما، فلو كانت الإرادة علة تامة بحدها وكانت حركة العضلات معلولة لها فبطبيعة الحال كان حالها حال حركة يد المرتعش وحركة الدم في العروق وحركة الأمعاء عند الخوف وهكذا، على أساس أن الإرادة بتمام مقدماتها ومبادئها غير اختيارية وناشئة بالضرورة من عللها بقاعدة أن الممكن ما لم يجب وجوده لم يوجد إلى أن تنتهي السلسلة إلى الذات الواجبة، ونتيجة ذلك أن حركة العضلات من الانسان واجبة عند الإرادة كحركة البدن عند الخوف، فكما أن الحركة الثانية قهرية وخارجة عن اختيار الانسان وقدرته ومترتبة على صفة الخوف، فكذلك الحركة الأولى فإنها خارجة عن قدرة الانسان ومترتبة على صفة الإرادة قهرا، فاذن لا فرق في الحقيقة بين حركة العضلات المترتبة على صفة الإرادة ترتب المعلول على العلة التامة وبين حركة البدن المترتبة على صفة الخوف وما شاكلها إلا في مجرد الاصطلاح والتسمية بأن تسمى الطائفة الأولى بالأفعال الاختيارية والثانية بالأفعال الاضطرارية، ومن الواضح أن هذه التسمية لا تعالج مشكلة الفرق بين الطائفتين وهي حسن المحاسبة والعقوبة على الطائفة الأولى وقبحها على الطائفة الثانية رغم أن كلتا الطائفتين غير اختيارية ومترتبة على علتها ترتب المعلول على العلة التامة، فإذن كيف تكون المحاسبة والعقوبة على الطائفة الأولى حسنة بحكم العقل رغم أنها على الأمر الخارج عن الاختيار وهي قبيحة لا حسنة، بل عدم اختياريتها يؤدي إلى مشكلة أعمق من ذلك وهي لغوية التكليف نهائيا، فالنتيجة أن هذا الفرق لا يصحح جعل التكليف
(٨٢)