المسألة الثانية مقدمة الواجب تحرير النزاع:
كل عاقل يجد من نفسه أنه إذا وجب عليه شئ وكان حصوله يتوقف على مقدمات، فإنه لابد له من تحصيل تلك المقدمات ليتوصل إلى فعل ذلك الشئ بها.
وهذا الأمر بهذا المقدار ليس موضعا للشك والنزاع. وإنما الذي وقع موضعا للشك وجرى فيه النزاع عند الأصوليين هو أن هذه اللابدية العقلية للمقدمة التي لا يتم الواجب إلا بها هل يستكشف منها اللابدية شرعا أيضا؟ يعني أن الواجب هل يلزم عقلا من وجوبه الشرعي وجوب مقدمته شرعا؟
أو فقل على نحو العموم: كل فعل واجب عند مولى من الموالي هل يلزم منه عقلا وجوب مقدمته أيضا عند ذلك المولى؟
وبعبارة رابعة أكثر وضوحا: إن العقل لاشك يحكم بوجوب مقدمة الواجب - أي يدرك لزومها - ولكن هل يحكم أيضا بأنها واجبة أيضا عند من أمر بما يتوقف عليها؟