بارسال الرسل وانزال الكتب لأنه لغو.
ومن الغريب هنا ما صرح به المحقق الأصبهاني (قدس سره) من أن انتهاء الفعل إلى إرادة الباري تعالى من جهة انتهاء إرادة العبد إلى إرادته تعالى بلحاظ امكانها المقتضي للانتهاء إلى الواجب بقاعدة أن الممكن ما لم يجب وجوده بالغير لم يوجد لا يضر بالفاعلية (1).
وجه الغرابة أن إرادة العبد إذا كانت علة تامة لفعله وهي غير اختيارية بتمام مقدماتها وناشئة بالضرورة من عللها المنتهية في نهاية المطاف إلى إرادة الباري عز وجل فكيف لا يضر ذلك بفاعليته واختياره، فان الإرادة إذا تحققت في نفس العبد بحدها، كان تحقق الفعل منه ضروريا لتحقق المعلول عند وجود علته التامة واستحالة تخلفه عنه ومع هذا لا يعقل أن يكون العبد فاعلا ومختارا، فان نسبته إلى فعله كنسبة المرتعش إلى حركة يده.
والخلاصة: أن الفطرة السليمة الوجدانية تحكم بالفرق بين الأفعال الاختيارية التي تصدر عن الانسان وبين الأفعال المترتبة على صفة الخوف ونحوها كارتعاش البدن واصفرار الوجه وحركة الأمعاء ونحو ذلك، فلو كانت الإرادة علة تامة لوجود الأفعال وكان ترتبها عليها ترتب المعلول على العلة التامة، لم يكن فرق بين الأفعال المترتبة على صفة الإرادة والأفعال المترتبة على صفة الخوف إلا بالتسمية من دون أن يكون لها واقع موضوعي، مع أن الفرق بينهما من الواضحات الأولية، ولهذا تتصف الطائفة الأولى من الأفعال بالحسن والقبح دون الطائفة الثانية، ومن الواضح أن هذا الفرق يرتكز على نقطة موضوعية وهي اختيارية الطائفة الأولى دون الطائفة الثانية لا على مجرد