يجوز للمكلف إيقاع نفسه في الاضطرار اختيارا، لأنه يستوجب فوات الملاك الملزم القائم بالمبدل وحرمان نفسه عنه وهو غير جائز، لأن العقل كما يحكم بقبح تفويت التكليف المنجز كذلك يحكم بقبح تفويت الملاك المنجز الذي هو حقيقة التكليف وروحه.
وعلى الجملة فاطلاقات أدلة الأوامر الاضطرارية إذا لم تشمل الاضطرار الناشئ بسوء اختيار المكلف، لم يكن هناك أمر اضطراري حتى يكون الاتيان بمتعلقه مجزيا عن الواقع، فلهذا قد حرم نفسه عن استيفاء الملاك المولوي وفوت على نفسه تمام ملاك الواقع.
ثم ذكر (قدس سره) أن الثمرة لا تظهر بين القولين في باب الصلاة، على أساس أنها لا تسقط بحال، فإذا أوقع المكلف نفسه في الاضطرار إلى التيمم باهراق الماء الموجود عنده باختياره، فالآية الشريفة عندئذ وإن كانت لا تشمل مثله وهو الفاقد للماء باختياره، إلا أن الصلاة بما أنها لا تسقط بحال، فيجب عليه الاتيان بها مع الطهارة الترابية، والثمرة إنما تظهر بين القولين في غير باب الصلاة (1) هذا.
ولنا تعليقان على ما أفاده (قدس سره) في المسألة:
الأول: على أصل الدعوى.
الثاني: على ما ذكره (قدس سره) من أن الثمرة لا تظهر بين القولين في باب الصلاة.
أما التعليق الأول، فلأن الآية الشريفة وإن كان يمكن القول بأن المنصرف منها عدم وجدان المكلف الماء بطبعه وبغير سوء اختياره، إلا أن هذا الانصراف بدوي، لأن التأمل في الآية الشريفة بضم صدرها إلى ذيلها بمناسبة الحكم