ثم إن بين الطائفة الأولى والثانية معارضة، فإن الأولى تدل على صحة الصلاة خلف إمامهم والثانية تدل على بطلانها فتسقطان معا من جهة المعارضة، فيكون المرجع الطائفة الثالثة التي لا معارض لها، ومقتضى هذه الطائفة جواز الاقتداء بهم بشرط أن يقرء القراءة بنفسه، نعم ما يترتب على الاشتراك معهم في الصلاة والاقتداء بإمامهم من المصالح العامة كإظهار الوحدة بين صفوف المسلمين والمحافظة على مصالح الطائفة لا يرتبط بصحة صلاته، لأنها منوطة بأن يقرء القراءة بنفسه، ولا يمكن أن يعول على قراءة إمامهم بأن تعوض قرائته عن قرائته، لأن شروط التعويل غير متوفرة فيه، نعم مقتضى إطلاق هذه الروايات أن التكتف أو السجود على ما لا يصح السجود عليه لا يضر بصحة الصلاة وإن كان بامكانه الاتيان بها في مكان آخر بدون التكتف ومع السجود على ما يصح، ولكن هذا الفرض خارج عن محل الكلام، فإن محل الكلام إنما هو في كفاية الصلاة الاضطرارية عن الصلاة الاختيارية فيما إذا لم يكن العذر مستوعبا لتمام الوقت، وأما إذا كان الاتيان بالصلاة الناقصة بإرادة المكلف واختياره مع تمكنه من الاتيان بالصلاة التامة في عرضها كما هو المفروض في مورد هذه الروايات، فهو خارج عن محل الكلام.
وأما الكلام في الثانية، وهي ما ورد في بعض الروايات الخاصة من الأمر بغسل الرجلين في الوضوء تقية (1)، فهل يجزي إذا توضأ شخص كذلك، الظاهر أنه يجزي، وذلك لأن الأمر المتعلق بالوضوء كذلك يكشف عن وجود مصلحة ملزمة فيه وهي تفي بمصلحة الواقع، وأما عنوان التقية فهو عنوان تعليلي له وليس بتقييدي لكي يكون الأمر به من جهة ما يترتب على التقية من المصلحة.