عن الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، فلنا دعويان:
الأولى: أن القول المذكور خارج عن محل الكلام.
الثانية: أن محل الكلام إنما هو في إجزاء الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الواقعي.
أما الدعوى الأولى، فلأن الأمر الاضطراري إذا كان ثبوته مشكوكا فيه فلا معنى للبحث عن أنه يجزي أو لا، فإذا لم تثبت مشروعية التيمم لفاقد الماء في جزء من الوقت وكان يشك في مشروعيته، فكيف يمكن القول بأن الصلاة معه في أول الوقت مجزية عن الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت.
وأما الدعوى الثانية، فلوضوح أن محل الكلام إنما هو في إجزاء الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الواقعي، فإذا ثبتت مشروعية الطهارة الترابية لفاقد الماء في جزء من الوقت مع كونه واجدا له في جزء آخر منه، فعندئذ يشك في أن الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت هل تجزي عن الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت أو لا، ومنشأ هذا الشك، الشك في أن ملاك الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت يفي بتمام ملاك الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت أو بمقدار منه، والمقدار المتبقي منه لا يخلو إما أنه غير لزومي أو إنه لزومي، وعلى الثاني فإما أنه قابل للاستيفاء أو غير قابل له فهنا وجوه:
فعلى الوجه الأول والثاني، فالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت بديلة وعديلة للصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت ولا شبهة في إجزائها عنها ولا موضوع للإعادة، لأن التخيير بينهما حينئذ من التخيير بين المتباينين فيكفي الاتيان بإحداهما في مقام الامتثال، لأن الواجب حينئذ هو الجامع بينهما طولا،