العمل المتقي به مأمور به بعنوان ثانوي بعد سقوط الأمر عنه بعنوان أولي، فإذا اضطر المكلف تقية إلى ترك البسملة في الصلاة أو إلى التكتف فيها، فلا شبهة في أن الأمر المتعلق بالصلاة مع البسملة أو مقيدة بعدم التكتف قد سقط بسقوط متعلقه ولا يعقل بقائه، وإلا لزم التكليف بالمحال، وأما ثبوت الأمر الآخر المتعلق بالصلاة بدون البسملة أو مع التكتف، فهو بحاجة إلى دليل وروايات التقية العامة لا تدل عليه، وقد قيل في وجه عدم دلالتها، بأن التقية إنما هي في جزء من العمل المتقى به وهو ترك البسملة في المثال أو التكتف، لا في القراءة ولا في الركوع والسجود ولا في التشهد والتسليم، ومن الواضح أن في ترك البسملة مصلحة وهي مصلحة حفظ النفس وكذلك في التكتف، فلذلك يكون واجبا، وأما في بقية الاجزاء فحيث أن الأمر الأول قد سقط عنها بسقوط متعلقه روحا وملاكا، فثبوت الأمر الآخر بها بحاجة إلى دليل ولا دليل عليه، لأن هذه الروايات لا تدل إلا على محبوبية العمل المتقى به من جهة ما يترتب عليه من الآثار وهي حفظ النفس أو العرض أو المال، والمفروض عدم صدق هذا العنوان على بقية الاجزاء، وإنما يصدق على ترك البسملة أو التكتف فحسب، مثلا غسل الرجلين في الوضوء مصداق للتقية دون سائر أجزائه، ولكن لا وجه لهذا التقريب لنقطتين:
الأولى: أن التقية عنوان للصلاة بدون البسملة أو الصلاة مع التكتف، ضرورة أن عنوان التقية لا يصدق على ترك البسملة مطلقا أو على التكتف كذلك، وإنما يصدق على حصة خاصة منه وهي ترك البسملة في ضمن الصلاة ومرتبطا بها، ومن الواضح أن صدق هذا العنوان عليه حينئذ لا ينفك عن صدقه على سائر الاجزاء، لأن الاتيان بها كذلك إنما هو من أجل التقية وإلا فلا موجب له، فإذن عنوان التقية يصدق على الصلاة بدون البسملة أو مع التكتف لا على