جزء منه فقط، ومن المعلوم أن الاتيان بها إنما هو بغرض دفع مفسدة التقية.
الثانية: أن انطباق عنوان التقية على العمل المتقى به ليس من جهة ما فيه من الملاك الخاص، بل من جهة مصلحة عامة التي اهتم الشارع بها، ومن أجل التحفظ على تلك المصلحة العامة أمر الشارع بالتقية، وهي مصلحة حفظ النفس أو العرض أو المال، فالاتيان بالعمل المتقى به إنما هو من أجل تلك المصلحة العامة، فلذلك لا يكشف انطباقه عليه عن وجوبه النفسي لكي يكون مجزيا عن الواقع.
والخلاصة: أن الروايات المذكورة وإن كانت ناصة في وجوب التقية وأنها من الدين، إلا أنها لا تدل على أن وجوبها ناشئ من الملاك القائم بالعمل المتقى به لكي يكشف عن وجوبه النفسي، بل الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية أنه ناشئ من مصالح أخرى وهي مصالح حفظ النفس أو العرض أو المال التي اهتم الشارع بها، فيكون وجوبه مقدميا.
هذا إضافة إلى أن هناك مجموعة من الروايات التي تنص على أن علة جعل التقية وتشريعها من الدين هي حقن الدماء والأنفس، كصحيحة محمد بن مسلم (1) وصحيحة أبي حمزة الثمالي (2) ونحوهما (3)، فإنها تنص على أن مصلحة جعل التقية وحكمته حقن الدماء وحفظ الأنفس وما يلحق بها من الاعراض والأموال، وعلى هذا فلا تدل هذه الروايات على أن العمل المتقى به مأمور به حتى يكون الاتيان به مجزيا عن الواقع.
ومن هنا يظهر أن ما نسب إلى المشهور من دلالة هذه الروايات على الاجزاء