هذا كله بالنسبة إلى أدلة الأوامر الاضطرارية الخاصة كالآية الشريفة والروايات، وأما الأدلة العامة فهي متمثلة في أمرين:
الأول: قاعدة الميسور التي يكون مقتضاها أن العمل الناقص الميسور مجز عن العمل التام المعسور، ولا فرق بين أن يكون العمل الناقص الميسور الصلاة مع الطهارة الترابية بعد تعذر الطهارة المائية أو غيرها، وفيه أن هذه القاعدة غير ثابتة في نفسها، لأن رواياتها ضعيفة سندا ودلالة، فلا يمكن الاعتماد عليها وتمام الكلام في محله.
الثاني: حديث رفع الاضطرار، بتقريب أن المكلف إذا اضطر إلى ترك الصلاة مع الطهارة المائية أو مع القيام أو مع الركوع والسجود وغيرها، فحيث إن الاضطرار رافع لوجوبها بمقتضى قوله (عليه السلام) رفع ما اضطروا إليه (1)، فحينئذ لا محالة يكون الواجب هو الصلاة مع الطهارة الترابية أو مع الجلوس أو الايماء.
وفيه، أن مفاد حديث الرفع، رفع الحكم عن العمل الذي اضطر المكلف إلى ترك جزء أو قيد منه، لا اثبات الحكم للعمل الفاقد له لا مطابقة ولا التزاما، وعلى الجملة فالحديث يدل على رفع الوجوب عن الصلاة مع الطهارة المائية عند الاضطرار إلى تركها، ولا يدل على اثبات الوجوب للصلاة مع الطهارة الترابية ولو بالالتزام، بل لا اشعار فيه على ذلك فضلا عن الدلالة، وتمام الكلام في محله.
وأما الكلام في الاضطرار إلى ذلك في سائر الواجبات كالوضوء والغسل والصوم والحج وغير ذلك، فيقع تارة في مقتضى الأدلة العامة وأخرى في مقتضى الأدلة الخاصة.