وأما على الوجه الثالث فلا تجزي، لأن الواجب على هذا الفرض يدور بين الأقل والأكثر، لأن الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت وحده لا تجزي بدون ضميمة الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، فإذن يكون المكلف فيه مخيرا بين الاتيان بهما معا في طول الوقت وبين الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت فحسب، لأنها تفي بتمام الملاك إذا لم تسبقها الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت، وعليه فوجوب البدل منضما إلى المبدل تخييرا معلوم، ووجوب المبدل إذا لم يسبقه البدل تخييرا أيضا معلوم، وأما وجوب المبدل تعيينا بوجوب آخر فهو غير معلوم، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عنه، لأنه من الشك في التكليف الزائد ولا ربط له بمسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير، نعم على القول بأن مثل هذا التخيير غير معقول، بدعوى أن الأمر بالبدل منضما إلى المبدل لغو وجزاف بعد كفاية المبدل وحده، فعندئذ يكون المبدل واجبا تعيينيا.
ولكن قد تقدم أنه لا مانع من هذا التخيير، ولا يقاس هذا بالتخيير بين الأقل والأكثر الاستقلاليين.
وأما على الوجه الرابع، فلا يجوز البدار إلى الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت تكليفا، لأنه يوجب تفويت الملاك الملزم بلا مبرر، وأما وضعا فالاتيان بها مجزئ، هذا كله بحسب مقام الثبوت، وأما في مقام الاثبات فإذا لم يكن دليل لفظي لاثبات الوجه الأول أو الثاني فيصل الدور إلى الأصل العملي، وحيث لا نعلم أن الأمر بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت هل هو على النحو الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع ثبوتا، فيكون ذلك منشأ للشك في إجزاء الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت وحدها عن الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، ومرجع هذا الشك إلى الشك في وجوب إعادتها مع الطهارة المائية وعدم