بملاك أن الأمر ومتعلقه موجودان بوجودين، أحدهما عارض وهو الأمر، والآخر معروض وهو المتعلق، أو طبعا بملاك أنهما موجودان بوجود واحد كما في المقام، فإن قصد الأمر المأخوذ في المتعلق متحد وجودا مع قصد الأمر المتعلق به ولكنه طبعا متأخر عنه رتبة كتأخر الانسان عن الحيوان والناطق، فإذن يلزم التهافت في الرتبة وتقدم الشئ على نفسه، فلذلك لا يمكن أخذه فيه.
الثانية: أن لازم أخذه في متعلق الأمر عدم التمكن من الامتثال، لأن الفعل وحده غير متعلق للأمر، فلا يعقل أن يأتي به بقصد الأمر، ضرورة أن الأمر لا يدعو إلا إلى ما تعلق به وهو المركب من ذات الفعل مع قصد الأمر، مثلا إذا كان الأمر متعلقا بالصلاة مع قصد الأمر، فمعناه أن ذات الصلاة لم تكن متعلقة للأمر، وعليه فلا يمكن الاتيان بها بقصد الأمر إلا تشريعا، لفرض أنه لا أمر لها، فإذن يلزم من أخذه في متعلق الأمر عدم القدرة على الامتثال.
والجواب أما عن النقطة الأولى، فقد ظهر جوابها مما تقدم وملخصه: إنه مبني على الخلط بين كون المأخوذ في متعلق الأمر القصد بوجوده الواقعي وبين كون المأخوذ فيه القصد بوجوده العنواني، وتخيل أن المأخوذ فيه هو الأول، فلهذا استشكل بلزوم الدور وتقدم الشئ على نفسه، ولكن قد ظهر مما مر أن المأخوذ فيه القصد بوجوده العنواني وهو لا يتوقف على وجود الأمر في الخارج فلا يلزم الدور.
وأما عن النقطة الثانية، فقد يقال كما قيل أن الواجب إذا كان مركبا من جزئين، فالأمر المتعلق به ينحل إلى أمرين ضمنيين بانحلال أجزائه، فيتعلق بكل جزء منه أمر ضمني (1)، وعلى هذا فإذا كانت العبادة مركبة من الفعل وقصد