وهذه الدلالة بناء على مسلك العدلية لازمة لدلالة كل دليل دل على وجوب شئ أو حرمته، أو كراهة شئ أو استحبابه، وعليه فإذا تعلق الأمر بفعل غير مقيد بالقدرة في مقام الإثبات كشف ذلك عن وجوبه بالدلالة المطابقية، وعن كونه ذا ملاك بالدلالة الالتزامية، فإذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجية لحكم العقل باعتبار القدرة في فعلية التكليف لم تسقط الدلالة الالتزامية عن الحجية.
أو فقل: إن اللازم وإن كان تابعا للملزوم في مقام الثبوت والإثبات إلا أنه ليس تابعا له في مقام الحجية.
والوجه فيه: هو أن الإخبار عن الملزوم ينحل إلى إخبارين: أحدهما: إخبار عن الملزوم، والآخر: إخبار عن اللازم، ودليل الاعتبار يدل على اعتبار كليهما معا، وعندئذ إذا سقط الإخبار عن الملزوم عن الحجية من جهة قيام دليل أقوى على خلافه فلا وجه لرفع اليد عن الإخبار عن اللازم، لعدم المانع له أصلا.
وفيما نحن فيه وإن كان كشف الأمر عن وجود ملاك في فعل تابعا لكشفه عن وجوبه في مقام الإثبات والدلالة إلا أنه ليس تابعا له في مقام الحجية، فإن حكم العقل باعتبار القدرة في متعلق التكليف أو اقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار إنما يصلح للتقييد بالقياس إلى الدلالة المطابقية فيوجب رفع اليد عنها دون الدلالة الالتزامية، ولا موجب لرفع اليد عن إطلاقها أصلا، إذ المفروض أن كل واحد من الظهورين حجة في نفسه، فرفع اليد عن أحدهما لمانع لا يوجب رفع اليد عن الآخر، فإن رفع اليد عنه بلا مقتض وسبب.
ونتيجة ذلك عدة أمور:
الأول: أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية حدوثا لا بقاء.
الثاني: أن الملاك قائم بالجامع بين الحصة المقدورة وغيرها، ولازم ذلك صحة الفرد المزاحم، فإن الصغرى - وهي كونه تام الملاك - محرزة، والكبرى - وهي كفاية قصد الملاك في وقوع الشئ عبادة - ثابتة، فالنتيجة من ضم إحداهما إلى الأخرى هي ذلك.