كما هو الصحيح، إذ على هذا يكون اعتبار القدرة فيه شرعيا ودخيلا في ملاك الحكم، فيرتفع الملاك بارتفاع القدرة لا محالة.
نعم، تم ذلك بناء على أن منشأ اعتبار القدرة في متعلق التكليف هو حكم العقل بقبح تكليف العاجز، إذ حينئذ يمكن أن يقال: إن إطلاق متعلقه شرعا كاشف عن كونه ذا ملاك مطلقا حتى في حال عدم القدرة عليه.
توضيح ذلك: أن القدرة مرة تؤخذ في متعلق التكليف لفظا، واخرى تؤخذ باقتضاء نفس التكليف ذلك. فعلى الأول: لا فرق بين أن تكون دلالة اللفظ على اعتبار القدرة فيه بالمطابقة كما في آية الحج (1) فإنها تدل على اعتبار القدرة فيه مطابقة أو بالالتزام كما في آية الوضوء (2)، فإنها تدل على تقييد وجوب الوضوء بالتمكن من استعمال الماء عقلا وشرعا التزاما، من جهة أخذ عدم وجدان الماء في موضوع وجوب التيمم مطابقة، والتفصيل قاطع للشركة لا محالة، فإنه على كلا التقديرين كان تقييد الواجب بالقدرة مستفادا من الدليل اللفظي.
ونتيجة ذلك: أن القدرة دخيلة في ملاك الحكم واقعا، ضرورة أنه لا معنى لأخذ قيد في متعلق الحكم في مقام الإثبات إذا لم يكن له دخل فيه في مقام الثبوت.
وعلى ذلك يبتنى: أنه لا يمكن تصحيح الوضوء أو الغسل بالملاك أو بالالتزام بالترتب في موارد الأمر بالتيمم، لعدم الملاك للوضوء أو الغسل في تلك الموارد ليمكن الحكم بصحته من جهة الملاك أو من جهة الالتزام بالترتب، وثبوت الأمر بالمهم عند عصيان الأمر بالأهم، فإذا كان هذا هو الحال فيما إذا كانت القدرة مأخوذة في لسان الدليل بإحدى الدلالتين كان الأمر كذلك فيما إذا كان اعتبار القدرة باقتضاء نفس التكليف ذلك، إذ من الواضح جدا أنه حينئذ يتعين المأمور به في الحصة المقدورة بمقتضى دلالة نفس الدليل، فالقدرة تكون دخيلة في ملاك الحكم فينتفي بانتفائها.