وخصوصية الأفراد جميعا خارجة عن حيز الأمر، والمفروض أن القدرة على صرف الوجود منها تحصل بالقدرة على بعض وجوداتها وأفرادها وإن لم يكن بعضها الآخر مقدورا.
ومن الواضح أن التكليف غير مشروط بالقدرة على جميع أفرادها العرضية والطولية، ضرورة أنه ليست طبيعة تكون مقدورة كذلك، وعليه فعدم القدرة على فرد خاص من الطبيعة المأمور بها - وهو الفرد المزاحم بالأهم - لا ينافي تعلق الأمر بها، فإن المطلوب هو صرف وجودها، وهو يتحقق بإيجاد فرد منها في الخارج، فالقدرة على إيجاد فرد واحد منها كاف في تعلق الأمر بها.
وعلى هذا الضوء يصح الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة المأمور بها، لانطباق تلك الطبيعة عليه كانطباقها على بقية الأفراد، ضرورة أنه لا فرق بينه وبين غيره من الأفراد من هذه الجهة أصلا.
وبتعبير آخر: أنه لا موجب لتقييد إطلاق المأمور به على هذا القول بغير الفرد المزاحم للواجب المضيق، فإن الموجب لذلك إنما هو تعلق النهي به، وحيث لا نهي على الفرض فلا موجب له أصلا، وعندئذ فغاية ما يقتضيه الأمر بالواجب المضيق هو عدم الأمر به، ومن الواضح أنه غير مانع من انطباق الطبيعة المأمور بها عليه، إذ الأفراد جميعا في عدم تعلق الأمر بها وعدم اتصافها بالواجب على نسبة واحدة، ولا فرق في ذلك بين الفرد المزاحم للواجب المضيق وغيره، فإن متعلق الأمر الطبيعة الجامعة بين الأفراد بلا دخل شئ من الخصوصيات والتشخصات فيه، ولذا لا يسري الوجوب منها إلى تلك الأفراد. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن ضابط الامتثال انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي صحة الإتيان بالفرد المزاحم، لاشتراكه مع بقية الأفراد في كلتا الناحيتين.
نعم، يمتاز عنها في ناحية ثالثة، وهي: أن الفرد المزاحم غير مقدور شرعا،