جماعة (1) من المحققين - تحقق الثمرة فيه، فعلى القول بالاقتضاء تقع العبادة فاسدة، وعلى القول بعدمه تقع صحيحة.
بيان ذلك: أنا قد ذكرنا في بحث تعلق الأوامر بالطبائع أو الأفراد: أن الصحيح هو تعلقها بالطبائع الملغاة عنها جميع الخصوصيات والتشخصات دون الأفراد (2)، وعلى هذا فالمأمور به هو الطبيعة المطلقة، ومقتضى إطلاق الأمر بها ترخيص المكلف في تطبيق تلك الطبيعة على أي فرد من أفرادها شاء تطبيقها عليه من الأفراد العرضية والطولية، ولكن هذا إنما يكون فيما إذا لم يكن هناك مانع عن التطبيق، وأما إذا كان مانع عنه - كما إذا كان بعض أفرادها منهيا عنه - فلا محالة يقيد إطلاق الأمر المتعلق بالطبيعة بغير هذا الفرد المنهي عنه، لاستحالة انطباق الواجب على الحرام.
ويترتب على ذلك: أنه بناء على القول باقتضاء الأمر بشئ النهي عن ضده كان الفرد المزاحم من الواجب المطلق منهيا عنه فيقيد به إطلاق الأمر به، كما هو الحال في بقية موارد النهي عن العبادات، لاستحالة أن يكون الحرام مصداقا للواجب، ونتيجة ذلك التقييد: هي وقوعه فاسدا بناء على عدم كفاية اشتماله على الملاك في الصحة.
أو فقل: إن الأمر بالشئ لو كان مقتضيا للنهي عن ضده كان الفرد المزاحم منهيا عنه لا محالة، وعليه فلا يجوز تطبيق الطبيعة المأمور بها عليه، وبضميمة المسألة الآتية، وهي: أن النهي في العبادات يوجب الفساد يقع فاسدا.
وأما بناء على القول بعدم الاقتضاء فغاية ما يقتضيه الأمر بالواجب المضيق هو عدم الأمر بالفرد المزاحم، لاستحالة الأمر بالضدين معا، وهذا لا يقتضي فساده.
والوجه في ذلك: ما عرفت من أن متعلق الوجوب صرف وجود الطبيعة،