الخارج اتفاقا، كما إذا كان أحدهما محكوما بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة، كاستقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن العراق وما والاه من البلاد لا مطلقا - فلابد فيه أيضا من الرجوع إلى قواعد ومرجحات بابها، فإن كان أحدهما أهم من الآخر فيقدم عليه وإن كانا متساويين فيحكم بالتخيير بينهما، ولا إشكال فيه من هذه الناحية أصلا، وإنما الكلام فيه من ناحية أخرى، وهي: أنه هل يمكن الالتزام بالترتب فيه أم لا؟
فنقول: إنه لا يمكن الالتزام به أصلا. والوجه في ذلك واضح، وهو: أنه لا يعقل أن تكون حرمة استدبار الجدي مشروطة بعصيان الأمر باستقبال القبلة وعدم الإتيان بمتعلقه، ضرورة أن ترك استدبار الجدي في هذا الحال قهري، ومعه لا معنى للنهي عنه، فإنه لغو محض وطلب للحاصل فلا يصدر من الحكيم، وكذا لا يعقل أن يكون وجوب استقبال القبلة مشروطا بعصيان النهي عن استدبار الجدي والإتيان بمتعلقه، بداهة أنه ضروري الوجود عند عصيان النهي عن الاستدبار، ومعه لا يمكن تعلق الأمر به، لأنه لغو وطلب للحاصل.
فالنتيجة: هي أنه لا يمكن الالتزام بالترتب في خصوص هذا الصنف من المتلازمين، لا من جانب واحد ولا من جانبين، وهذا واضح.
بقي هنا شئ، وهو: أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد أنكر جريان الترتب في موارد اجتماع الأمر والنهي بناء على القول بالجواز ووقوع المزاحمة بينهما (1).
وبيان ذلك: هو أنه لو قلنا بأن التركيب بينها اتحادي كما اختاره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، بدعوى: أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون (2)، فتدخل المسألة في كبرى باب التعارض، فلابد من الرجوع إلى قواعد ذلك الباب.
وأما لو قلنا بأن التركيب بينهما انضمامي بأن تكون هناك ماهيتان متعددتان ذاتا وحقيقة، ولكن بنينا على سراية الحكم من إحداهما إلى الأخرى