الأستاذ (1) (قدس سره) والقول بإمكانه وصحته كما هو المختار عندنا (2)، فإنه على كلا القولين لا تقدم لأحد الواجبين على الآخر بحسب الزمان، غاية ما في الباب على القول بالاستحالة فكما لا وجوب فعلا للوفاء بالنذر قبل تحقق ليلة عرفة فكذلك لا وجوب فعلا للحج قبل تحقق وقته ومجيئه. فإذا عدم تقدم أحدهما على الآخر زمانا واضح. وعلى القول بالإمكان فكما أن وجوب الوفاء بالنذر فعلي قبل مجئ وقت الواجب فكذلك وجوب الحج فعلي قبل وقته، فالوجوبان عرضيان وكل منهما قابل لرفع موضوع الآخر.
ودعوى: أن وجوب الوفاء بالنذر على هذا سابق على وجوب الحج باعتبار أن سببه مقدم على سببه مدفوعة بأنه لا أثر لمجرد حدوث وجوبه قبل حصول الاستطاعة بعد فرض أنه مزاحم بوجوب الحج بقاء، بل قد عرفت أنه لا مزاحمة بين الواجبين إلا في زمانهما، وهو زمان الامتثال والعمل، لا في زمان وجوبهما كما هو ظاهر.
وبعد ذلك نقول: إنه لابد من تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه في مقام المزاحمة، وذلك لوجهين:
الأول: أن وجوب النذر أو ما شابهه لو كان مانعا عن وجوب الحج ورافعا لموضوعه لأمكن لكل مكلف رفع وجوبه عن نفسه بإيجاب شئ ما عليه بنذر أو نحوه في ليلة عرفة المنافي للإتيان بالحج، كمن نذر أن يصلي ركعتين من النافلة - مثلا - في ليلة عرفة في المسجد الفلاني، كمسجد الكوفة أو نحوه، أو نذر أن يقرأ سورة - مثلا - في ليلة عرفة فيه أو في مكان آخر مثلا... وهكذا. ومن الواضح جدا أن بطلان هذا من الضروريات فلا يحتاج إلى بيان وإقامة برهان، كيف؟ فإن لازم ذلك هو أن لا يجب الحج على أحد من المسلمين، إذ لكل منهم أن يمنع وجوبه ويرفع موضوعه بنذر أو شبهه يكون منافيا ومضادا له، وهذا مما قامت ضرورة الدين على خلافه كما هو ظاهر.