أن وجوب الحج على هذا ليس مشروطا بالقدرة شرعا، بل هو مشروط بوجدان الزاد والراحلة وأمن الطريق، فعند وجود هذه الأمور واجتماعها يجب الحج، كان هناك واجب آخر في عرضه أم لم يكن.
وعلى هذا الأساس فلا يكون وجوب الوفاء بالنذر أو ما يشبهه مانعا عن وجوب الحج ورافعا لموضوعه، فإن موضوعه - وهو وجدان الزاد والراحلة مع أمن الطريق - موجود بالوجدان، بل الأمر بالعكس، فإن وجوب الحج على هذا مانع عن وجوب الوفاء بالنذر ورافع لموضوعه، حيث إن وجوب الوفاء به منوط بكون متعلقه مقدورا للمكلف عقلا وشرعا. ومن الواضح أن وجوب الحج عليه معجز مولوي عن الوفاء به فلا يكون معه قادرا عليه، فإذا ينتفي وجوب الوفاء به بانتفاء موضوعه.
ونتيجة ذلك: هي أن التزاحم بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر ليس داخلا في الكبرى المزبورة (التزاحم بين واجبين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا)، بل هو داخل في الكبرى الأولى، وهي التزاحم بين واجبين يكون أحدهما مشروطا بالقدرة شرعا والآخر مشروطا بالقدرة عقلا، وذلك لما عرفت الآن من أن وجوب الحج مشروط بالقدرة عقلا فحسب، ولا يعتبر في وجوبه ما عدا تحقق الأمور المزبورة، ووجوب الوفاء بالنذر مشروط بالقدرة عقلا وشرعا.
وقد تقدم أنه في مقام وقوع المزاحمة بينهما يتقدم ما كانت القدرة المأخوذة فيه عقلية على ما كانت القدرة المأخوذة فيه شرعية، فإن الأول يوجب عجز المكلف عن امتثال الثاني فيكون منتفيا بانتفاء موضوعه، ولا يوجب الثاني عجزه عن امتثال الأول، لأن المانع من فعليته إنما هو عجزه التكويني، والمفروض أنه لا يوجب ذلك.
فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أن التزاحم بينهما من صغرى التزاحم بين واجبين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا لا يمكن المساعدة عليه.
وأما النقطة الثانية فيرد عليها: أن مسألة مزاحمة وجوب الحج مع وجوب