مثل لذلك بما إذا وقع التزاحم بين الأمر بالوضوء أو الغسل والأمر بتطهير البدن للصلاة، وحيث إن للوضوء أو الغسل بدلا - وهو التيمم - فلا يمكن مزاحمة أمره مع أمر تطهير البدن، فيقدم الأمر بالطهارة الخبثية على الأمر بالطهارة الحدثية وإن كان الثاني أهم من الأول، وذلك لما عرفت من أن مالا اقتضاء فيه لا يمكن أن يزاحم ما فيه الاقتضاء.
وذكر (قدس سره) فرعا آخر أيضا لهذه الكبرى، وهو: ما إذا دار الأمر بين إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية وإدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية، كما إذا صار الوقت ضيقا بحيث لو توضأ أو اغتسل لم يدرك من الركعات إلا ركعة واحدة. وأما إذا تيمم بدلا عن الوضوء أو الغسل فيدرك تمام الركعات في الوقت، ففي مثل ذلك يقدم إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية على إدراك ركعة مع الطهارة المائية، لأن للصلاة مع الطهارة المائية بدلا وهو الصلاة مع الطهارة الترابية. وأما الصلاة في الوقت فحيث إنه لا بدل لها فتقدم على الصلاة مع الطهارة المائية في مقام المزاحمة، لأن ماله البدل لا يصلح أن يزاحم مالا بدل له.
وقد يشكل في المقام: بأن لإدراك تمام الركعات في الوقت أيضا بدلا، وهو إدراك ركعة واحدة فيه بمقتضى الروايات الدالة على أن " من أدرك ركعة واحدة في الوقت فقد أدرك تمام الصلاة " (1). فإذا يدور الأمر بين واجبين لكل منهما بدل، فلا وجه لتقديم الأمر بالصلاة في الوقت على الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية.
وأجاب (قدس سره) عن هذا الإشكال: بأن بدلية إدراك الركعة الواحدة عن تمام الصلاة في الوقت إنما هي في فرض عجز المكلف عن إدراك تمام الصلاة فيه، لا مطلقا، والمفروض أن المكلف قادر على إدراك تمامها فيه. وعليه فلا موجب لسقوط الأمر بإتيان تمام الصلاة في وقتها، فإذا لم يسقط فلا محالة يسقط الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية، لعجز المكلف عنها تشريعا وإن لم يكن عاجزا تكوينا.
وهذا كاف في الانتقال إلى بدلها، وهو الصلاة مع الطهارة الترابية، لما ذكرناه غير