أما سندا فلأنها ضعيفة بسهل بن زياد وموسى بن بكر على طريق الكافي، وبموسى بن بكر على طريق آخر رواها عنه البرقي.
وأما دلالة فمع إمكان المناقشة في أصل دلالتها على الحرمة باعتبار أن مجرد اختصاص الانتفاع بهما لغير الموقنين لا يدل على حرمة الانتفاع لهم أن مناسبة الحكم والموضوع تقتضي أن الانتفاع من كل متاع بحسب ما يناسبه، فالانتفاع بالكتاب إنما هو بمطالعته، والانتفاع بالفرش إنما هو بفرشه، وباللباس بلبسه، وهكذا...، ومن الواضح جدا أن الانتفاع بالآنيتين ظاهر في استعمالهما في الأكل والشرب فلا يشمل غيرهما، لكون الأواني معدة لذلك. إذا فالرواية ظاهرة في حرمة الأكل والشرب منهما فلا تشمل سائر الانتفاعات والاستعمالات.
الثالث: ما ورد من النهي عن أواني الذهب والفضة، وهي روايات كثيرة:
منها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه نهى عن آنية الذهب والفضة (1).
ومنها: صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن آنية الذهب والفضة فكرههما (2).
ومنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كره آنية الذهب والفضة والآنية المفضضة (3). بتقريب أنه لا معنى لتعلق النهي والكراهة بالأعيان والذوات.
نعم، الكراهة بمعنى الصفة النفسانية المعبر عنها بالكراهة التكوينية الحقيقية وإن أمكن تعلقها بالذوات بما هي بأن يكون الشئ مبغوضا بذاته - كما أنه قد يكون محبوبا كذلك - إلا أن الكراهة بالمعنى الشرعي لا معنى لتعلقها بها أبدا. ومن المعلوم أنه لم يرد من الكراهة في هاتين الصحيحتين الكراهة التكوينية، ضرورة أن الظاهر منهما هو أن الإمام (عليه السلام) في مقام بيان الحكم الشرعي، لا في مقام إظهار كراهته الشخصية، وهذا واضح. وعليه فلابد من تقدير فعل من الأفعال فيها ليكون