دخولهما في باب التعارض دون باب التزاحم كما هو واضح، إلا أنه لا يمنع من الالتزام بالترتب بينهما في مقام الجعل، بأن يكون جعل أحدهما مترتبا على عدم الإتيان بمتعلق الآخر، غاية الأمر أن وقوع الترتب في هذا المقام يحتاج إلى دليل، والدليل موجود في المسألتين، كما عرفت (1).
3 - إن المأمور به ليس خصوص الجهر والإخفات في فرض وجود القراءة، والقصر والتمام في فرض وجود الصلاة ليكونا من الضدين اللذين لا ثالث لهما، بل المأمور به هو القراءة الجهرية والإخفاتية في المسألة الأولى، والصلاة قصرا وتماما في المسألة الثانية. وعليه فيكونان من الضدين لهما ثالث، على أن القصر والتمام لا يكونان من الضدين لا ثالث لهما حتى في فرض وجود الصلاة.
4 - إنه لا ملزم لكون الشرط لفعلية الخطاب المترتب عصيان الخطاب المترتب عليه، بل قد عرفت أن الشرط في الحقيقة والواقع هو ترك امتثاله وعدم الإتيان بمتعلقه، فإنه نقطة انطلاق إمكان الترتب لا غيره (2). وعلى هذا الأساس فلا يلزم المحذور المتقدم.
5 - قد ظهر أن الترتب كما يجري في المقام يجري في موارد العلم الإجمالي والشبهات قبل الفحص، والموارد المهمة بناء على وجوب الاحتياط فيها. نعم، لا يجري في خصوص موارد الشبهات البدوية التي تجري أصالة البراءة فيها.
6 - إن جريان الترتب في مورد يرتكز على ركائز ثلاث:
1 - وصول الخطاب المترتب عليه إلى المكلف صغرى وكبرى.
2 - عدم الإتيان بمتعلقه في الخارج.
3 - إحراز ذلك.
7 - إن مخالفة الخطاب الطريقي بما هو لا توجب العقاب، والعقاب في صورة مصادفته للواقع إنما هو على مخالفة الواقع، لا على مخالفته.
8 - قد ذكرنا وجها آخر أيضا لدفع الإشكال عن المسألتين، وهو: أنه