على الآخر لا يوجب العجز وسلب القدرة عن الطرف الآخر بالبداهة. وعلى هذا فالأهم مقدور للمكلف حال تركه، كما أن تركه مقدور حال فعله، وكذا هو مقدور حال فعل المهم.
والأصل في جميع ذلك هو أن ترجيح أحد الطرفين على الآخر أو ترجيح فعل المهم في المقام على فعل الأهم باختيار المكلف وإرادته، فلا يعقل أن يكون ذلك موجبا لامتناع الطرف الآخر! وإلا فلا يكون الشئ من الأول مقدورا، وهذا خلف.
ونتيجة ذلك: هي أن الأمر بالأهم ثابت حال عصيانه وحال الإتيان بالمهم، وهذا معنى اجتماع الأمرين في زمان واحد. هذا على مسلك شيخنا الأستاذ (قدس سره).
وأما بناء على وجهة نظرنا من أن التقابل بينهما ليس من تقابل العدم والملكة بل من تقابل التضاد، وأن استحالة أحدهما تستلزم ضرورة تحقق الآخر ووجوبه لا استحالته فثبوته بالإطلاق.
والوجه فيه ما ذكرناه غير مرة من أن الإهمال في الواقع ومقام الثبوت غير معقول، فمتعلق الحكم في الواقع إما هو ملحوظ على وجه الإطلاق بالإضافة إلى جميع القيود حتى القيود الثانوية، ومعنى الإطلاق عدم دخل شئ من تلك القيود فيه واقعا، لا أن جميعها داخلة فيه. وإما هو ملحوظ على وجه التقييد ولا ثالث لهما، وعليه فإذا استحال أحدهما وجب الآخر، لانتفاء ثالث بينهما. وفي المقام بما أن تقييد متعلق الأمر بتقديري الفعل في الخارج أو الترك محال فلا محالة كان إطلاقه بالإضافة إليه واجبا.
وعلى هذا يترتب أن الأمر المتعلق بالأهم مطلق بالإضافة إلى حالتي وجوده وعدمه، فعندئذ إذا كان الأمر بالمهم مشروطا بعصيان الأهم وتركه في الخارج فلا محالة عند تركه يجتمع الأمران. أما الأمر بالأهم فمن جهة الإطلاق كما عرفت.
وأما الأمر بالمهم فلتحقق شرطه، وهو ترك الأهم وعصيان أمره، ولكن مع ذلك