ورفعا، لما عرفت من أن الحكم يستحيل أن يستدعي وجود موضوعه أو عدمه، وإنما هو يستدعي إيجاد متعلقه على تقدير وجود موضوعه في الخارج. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن الأمر بالأهم محفوظ في ظرف عصيانه: إما من جهة الإطلاق كما ذكرناه، أو من جهة أن الأمر يقتضي الإتيان بمتعلقه وإيجاده في الخارج، وهذا عبارة أخرى عن اقتضاء هدم موضوع الأمر بالمهم ورفعه، وهو عصيانه وعدم الإتيان بمتعلقه.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي عدم التنافي بين هذين الأمرين أبدا.
أما بين ذاتيهما فواضح، ضرورة أنه لا تنافي بين ذات الأمر بالمهم مع قطع النظر عن اقتضائه وذات الأمر بالأهم كذلك.
وقد ذكرنا في غير مورد أنه لا تضاد ولا تماثل بين نفس الأحكام بما هي أحكام، إذ حقيقتها ليست إلا اعتبار المولى. ومن المعلوم: أنه لا مضادة بين اعتبار واعتبار آخر، ولا مماثلة بينهما كما سيجئ ذلك بشكل واضح في الفرق بين مسألة التزاحم والتعارض (1).
وأما بينهما باعتبار اقتضائهما فالأمر أيضا كذلك، لأن الأمر بالمهم إنما يقتضي إيجاد متعلقه في الخارج على تقدير عصيان الأمر بالأهم من دون تعرض لحال عصيانه وضعا أو رفعا، وجودا أو عدما. والأمر بالأهم يقتضي هدم عصيانه الذي هو موضوع للأمر بالمهم، ومن الضروري أنه لا تنافي بين مقتضى - بالفتح - الأمرين كذلك، كيف؟ فإن ما كانت فعلية أصل اقتضائه " الأمر بالمهم " منوطة بعدم تأثير الآخر " الأمر بالأهم " وعدم العمل بمقتضاه، فيستحيل أن يزاحمه في تأثيره ويمنعه عنه، لأنه في ظرف تأثيره، والعمل بمقتضاه ليس بفعلي ليكون