وللنبوة الممتدة إلى زمان محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن يقول له أنت نبي ودينك باق إلى زمان محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولان يقول أنت نبي بدون أحد القيدين، فعلى المخالف أن يثبت إما التصريح بالامتداد إلى آخر الأبد وأنى له باثباته والمفروض أن الكلام ليس فيه أيضا، وإما الاطلاق فهو أيضا في معنى القيد ولا بد من إثباته، ومن الواضح أن مطلق النبوة غير النبوة المطلقة، والذي يمكن استصحابه هو النبوة المطلقة لا مطلق النبوة، إذ الكلي لا يمكن استصحابه إلا بما يمكن من ابقاء أقل أفراده امتدادا واستعدادا كما ذكرنا، ولنأت بمثال لتوضيح المقام، وهو: أنا إذا علمنا أن في هذه القرية حيوانا ولكن لا نعلم أي نوع هو من الطيور أو البهائم أو الحشار والديدان، ثم غبنا عنها مدة، فلا يمكن لنا الحكم ببقائه في مدة يعيش فيها أطول الحيوان عمرا، فترى أن الفرس أطول عمرا من الغنم، والعصافير أطول عمرا من الخطاطيف، والفيران من الديدان، وهكذا، فإذا احتمل عندنا كون الحيوان الذي في بيت خاص، إما عصفور أو فأرة أو دود قز، فكيف يحكم بسبب العلم بحصول القدر المشترك باستصحابها إلى زمان ظن بقاء أطولها أعمارا، فبذلك بطل تمسك أهل الكتاب، إذ على فرض التسليم والتنزل والمماشاة معهم نقول إن القدر الذي ثبت لنا من نبوتهما هو القدر المشترك بين أحد المقيدات الثلاثة، فع امكان كونها النبوة الممتدة إلى زمان نبوة محمد صلى الله عليه وآله كيف يجري الاستصحاب إلى آخر الأبد.
ثم إنك بعد ما بينا لك سابقا لا أظنك رادا علينا أمر الاستصحاب في الحكم الشرعي بما ذكرنا في هذا المقام، بأن تقول: يمكن أن يرد الاستصحاب فيها بمثل ذلك، ويقال: إن الاحكام الواردة في الشرع إنما يسلم جريان الاستصحاب فيها إن ثبت كونها مطلقات ولم تكن مقيدة إلى وقت خاص