مع أن المعصوم عليه السلام أطلق " النقض " على ذلك، فيكشف ذلك عن أن المراد بالنقض المنهي عنه، هو مجرد ترك اليقين السابق والاعتناء بالشك اللاحق.
وإن استند في الظهور إلى التبادر وفهم العرف، بأن يدعي أن المتبادر من نقض اليقين بالشك هو ما إذا كان دليل هذا اليقين له استمرار إلى زمان المزيل، بأن يكون الدليل بعقديه - الايجابي الحاصل من المنطوق، والسلبي المأخوذ في مفهوم مزيلية المزيل - شاملا لحالتي المكلف الواقعتين - قبل المزيل وبعده - فنقول:
مقتضى الانصاف أن هذا حق، لكن في الجملة، أي في بعض موارد صورة وجود الدليل على الاستمرار، لا في جميعها.
بيان ذلك: أن الحكم المدلول عليه بذلك الدليل قد يكون مما علم من الخارج أنه إذا تحقق فلا يرتفع إلا برافع له، ولا يكون ارتفاعه من جهة اختصاص استعداده ببعض الزمان دون بعض، كالطهارة - مثلا - والزوجية الدائمة والرقية والملكية، فإنها كلما تحققت فهي بحسب الاستعداد قابلة للبقاء أبدا ولا ترتفع إلا برافع ينقض استعدادها.
وقد يكون مما لم يعلم من الخارج له ذلك، كالوجوب والتحريم ونحوهما، فإنها ليست كالأمور السابقة في أنها إذا تحققت لا ترفع إلا بالرافع.
بل قد يكون من قبيل العقد المنقطع، والتحليل - مثلا - في ارتفاعها بانقضاء استعداداتها، ولا يكون هنا نقض ورفع، بل انتقاض وارتفاع، بل هما غير موجودين، لأنهما فرع الأولين.
فإذا دل دليل على ثبوت حكم يكون من القسم الأول إلى غاية، فيعلم أن تلك الغاية إما رافعة أو كاشفة عن رافع، بحيث يكون ناقضا