شئ يقينيا في السابق لو كان عندك موجبا للحكم ببقائه في اللاحق، فما بالك لا تقول به في استصحاب القوم؟ فإن اليقين بالحكم الجزئي كان في السابق لوجود يقينين، والآن لا يوجب لأحدهما - وهو اليقين بالكبرى - أو لكليهما، فاحكم ببقائه لتحكم ببقاء اليقين السابق.
وإن لم يكن مجرد وجود شئ في السابق موجبا لبقائه، فنقول: إن اليقين بالصغرى كان موجودا في السابق لامر غير جار في الآن الثاني، فكيف تقول: لو فرض عدم طريان الشك لكان اليقين السابق باقيا من غير احتياج إلى شئ آخر؟
والحاصل: أنه لا فرق بين استصحاب القوم واستصحاب المحقق في الاحتياج إلى تجدد ما يوجب اليقين، إما بالكبرى كما في استصحاب القوم، أو الصغرى كما في استصحاب المحقق.
وأما ما ذكره المحقق السبزواري " من أن الظاهر من النقض هو أن يكون للحكم استمرار " (1).
فإن استند في الظهور إلى مثل ما ذكره المحقق الخوانساري من أن النقض إنما يتصور عند تعارض اليقين والشك، والمراد بالتعارض أن يكون شئ يوجب اليقين لولا الشك - وأوضحه الفاضل المعاصر - فقد عرفت:
أنه لا يتصور في آن الشك إلا الدليل الدال على الاستمرار، وهو لا يوجد له اقتضاء لليقين السابق حتى يعارضه الشك، كما لا اقتضاء له، له في زمان اليقين بوجود الغاية. بل مقتضى نفس ذلك الدليل الدال على الحكم إلى حدوث المزيل هو الحكم بابطال أثر اليقين السابق.