من غير دليل طرح للأدلة الدالة على اعتبارها من غير دليل، ولا شك في بطلان هذا وحرمته.
مثلا: إذا ورد خبر معلوم الحجية بوجوب السورة مثلا، وحصل ظن من الظنون التي يكون محل نزاعنا هنا - يعني لي يقم على اعتبارها ولا على عدم اعتبارها دليل - بعدم وجوبها، فلا شك أن مقتضى الدليل الدال على حجية ذلك الخبر الدال على الوجوب هو حجيته ووجوب العمل في الفروع بمقتضاه كلية، لكن العقل يحكم بأنه إذا ورد في مقابله دليل معلوم الدليلية فلا يتعين العمل بمقتضى الخبر الأول مطلقا وكلية، لأنه قد يكون ترجيحا بلا مرجح، فليلاحظ ما بينهما من التعادل والترجيح.
وأما إذا ورد في مقابله ما لم يقم دليل على كونه دليلا، فلا شك أن طرح الخبر الأول بذلك، أو ملاحظة ما بينهما من التعادل والترجيح، طرح للدليل الدال على حجية ذلك الخبر من غير ضرورة عقلية ولا نقلية.
وهكذا الكلام في الأصول المعارضة كذا الظن الكذائي، فإن الدليل دل على وجوب العمل إلا مع الدليل على الخلاف، فلو طرحت مع عدم الدليل على الخلاف لطرحت أدلتها في الحقيقة.
فإن قلت: إن القدر المسلم من حجية الأصول الأربعة المذكورة هو ما لم يكن الظن على الخلاف، ففي صورة الظن على الخلاف كما أن الظن غير ثابت الحجية، فكذلك الأصول، وكذا الأدلة الاخر الغير المفيدة للعلم، إذ الكلام ليس في المفيدة للعلم، لعدم تصور ثبوت الظن معها أو ثبوتها مع الظن حتى يتصور مخالفتهما. فنقول: إنها أيضا لم يثبت حجيتها في صورة وجود الظن على الخلاف، فمن أين نحكم بحرمة العلم بالظن في مقابلة الأصول والأدلة بنفس أدلة اعتبار تلك الأصول والأدلة، ومن أين تعلم أن أدلة