فإن قلت: إن هذا لاجل الشك.
قلت: يعني عدم كون الدليل مقتضيا لاجل الشك؟ أو أنه مقتض لكن الشك يمنع من المقتضى، كما هو الشأن في الموانع مع المقتضيات؟
فإن قلت: عدم كونه مقتضيا لاجل الشك.
قلت: فهو المطلوب، لأنا نقول أيضا: إن مع الشك لا يبقى للدليل الدال على الاستمرار اقتضاء، بل يكون وجوده كعدمه، فيكون هذا الاستصحاب مع استصحاب القوم واحدا، حيث إن الدليل لا يقتضي الحكم في الآن الثاني لاجل الشك.
وإن قلت: إن الدليل يقتضي الحكم في الثاني، لكنه يمنع من ظهور أثره الشك.
قلنا: رجعت إلى الترجيح بلا مرجح، فإن القول: بأن القضية الدالة على " أن من توضأ ولم يبل فطهارته باقية " تقتضي الحكم بالطهارة في الآن الثاني لكن الشك يمنع من ثبوت المقضى، ليس بأولى من أن تقول: إن القضية الدالة على: " أن من توضأ ثم بال بعده فطهارته مرتفعة " تقتضي الحكم بعدم الطهارة في الآن الثاني لكن الشك يمنع من ثبوت المقتضى.
والحاصل: أن القول بأن للدليل الدال على استمرار الحكم إلى حدوث المزيل اقتضاء لثبوت الحكم المستمر - وهو المتيقن السابق - في الآن الثاني، لا يخفى ما فيه.
فإذن لا فرق بين أن لا يكون الدليل الدال على الحكم في الآن الأول شاملا للآن الثاني، يعني لا يدل الدليل على الاستمرار - كما في استصحاب القوم - وبين أن يكون الدليل دالا على الاستمرار، لكن يكون مغيى بغاية، وشك في الآن الثاني في وجود الغاية، أو شك في صدق الغاية على شئ، في