المقتضي عن المعارض.
وأما الحمل الثاني: فهو إنما يتم لو كان مذهب المحقق العمل بالاستصحاب كلية، وليس كذلك، بل إنما يعط به في ما إذا كان المقتضي للحكم يقتضيه مطلقا، بأن كان الشك في البقاء منحصرا في الشك في المانع، صرح رحمه الله بذلك في آخر كلامه في المعارج حيث قال فيه - بعد ما اختار حجية الاستصحاب عند تحرير النزاع - ما هذا لفظه:
" والذي نختاره نحن أن ننظر في الدليل المقتضي لذلك الحكم، فإن كان يقتضيه مطلقا، وجب القضاء باستمرار الحكم، كعقد النكاح مثلا، فإنه يوجب حل الوطء مطلقا، فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق كقوله:
" أنت خلية وبرية " فإن المستدل على أن الطلاق لا يقع بهما لو قال: " حل الوطء ثابت قبل النطق بهذه، فيجب أن يكون ثابتا بعدها " لكان استدلالا صحيحا، لان المقتضي للتحليل - وهو العقد - اقتضاه مطلقا، ولا يعلم أن الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء، فيكون الحكم ثابتا عملا بالمقتضي " (1) انتهى كلامه رفع مقامه.
وهو كما ترى صريح في اختياره حجية الاستصحاب في ما إذا كان الشك في بقاء الحالة السابقة من جهة الشك في طرو المانع، دون ما إذا كان الشك فيه من جهة الشك في ثبوت المقتضي في الآن اللاحق أيضا.
هذا، ثم إن صاحب المعالم - بعد ما نقل العبارة المذكورة - قال: " وهذا الكلام جيد، لكنه عند التحقيق رجوع عما اختاره أولا ومصير إلى القول الاخر - يعني نفي الحجية - كما يرشد إليه تمثيلهم لموضع النزاع بمسألة المتيمم