نعم، يكون بينهما ثمرة ترجع إلى المعنى الأول للعمل بالظن الذي ذكرناه سابقا (1) وهي: أنه لو قلنا بالظن فنحكم بالحلية من جهة اتباع الظن وأنه أدى إليها، ولو قلنا بعدم حجيته فنحكم بها، لا من الجهة المذكورة، بل من جهة اقتضاء البراءة إياها، فالثمرة تظهر في جهة العمل، لا نفسه.
فإن قلت: قد توجد ثمرة أخرى عملية، وهي: أنه لو كان الظن في مسألة شرب التتن حجة، فلو فرضنا العثور على دليل محرم له، فيقع التعارض بينهما. وإن لم يكن حجة، بل حكمنا بالحلية للأصل، فعند العثور على المحرم فلا بد من العمل عليه، لارتفاع الأصل به.
قلت: قد غفلت هنا، فإن الامر رجع حينئذ إلى وجود الدليل المخالف للظن في المسألة، فيخرج من هذه الصورة ويدخل في الصورة الثانية.
والحاصل: أن في صورة موافقة الظن لدليل من الأدلة أو أصل من الأصول، فليس هناك ثمرة تظهر في العمل.
وإن كان الموجود في المسألة - من الأصل أو الدليل - مخالفا للظن، فنحكم حينئذ بحرمة العمل بالظن المفروض عدم الدليل على حجيته.
والدليل على حكمنا هذا، نفس الدليل الدال على اعتبار ذلك الدليل الموجود في المسألة، أو الأصل الموجود فيها، لأنها تدل على اعتبارها ما لم يقم دليل على خلافها، والمفروض عدم الدليل على خلافها، إذ لم يوجد إلا الظن على خلافها، والدليلية لم تؤخذ في مفهوم الظن، والمفروض أيضا عدم صيرورته دليلا بعد، فيصدق مع وجود الظن عدم الدليل على خلافها، فالعمل بالظن حينئذ طرح لمقتضى الأصول والأدلة من غير دليل، وطرحها